وظيفة الدولة ومؤتمر الحوار.. خطان متوازيان

كتب
الأحد ، ٠٩ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٣٦ صباحاً

 

اليوم تلتئم الجلسة العامة النصفية لمؤتمر الحوار الوطني بعد مرور ما يقارب ثلاثة أشهر على التئامه.. يتساءل الناس: ما الذي حقّقه لنا المؤتمر حتى الآن؟!. 

الحقيقة التي ينبغي مواجهة الناس بها هي أن المؤتمر لن يحقّق شيئاً ينعكس أثره في حياتكم طوال فترة انعقاده، ولن يكون بمقدوره حل مشكلة الكهرباء، مهما بالغ في انفعالاته ووقف احتجاجاً ضد انقطاعها؛ إذ المؤتمر ليس بديلاً للدولة، أو أياً من أجهزتها وسلطاتها على الإطلاق، ولا ينبغي مجاراة هذا الفهم على الإطلاق. 

الجولة الأولى من مؤتمر الحوار كانت مخصّصة لدراسة وتحليل جذور ومحتوى المشاكل، كانت الحصيلة متباينة من لجنة إلى أخرى، بحسب متابعتي خلال الأسبوع الماضي لأعمالها، فلجان أنجزت أعمالها ومضت في التأسيس لما بعد النصفية، وثانية اختلفت على بعض تفاصيل تقاريرها، وثالثة أنجزتها بتحفظ بعض مكوناتها، ورابعة انفلت أعضاؤها كطلاب ملّوا الدراسة نهاية الترم أو الفصل الدراسي في انتظار الاختبارات. 

بذلت فرق العمل بكافة مكوّناتها جهداً لا يمكن إنكاره في دراسة وتحليل المشاكل الاجتماعية ومختلف مشاكل الدولة، وأنجزت عملاً لا يمكن التقليل من شأنه في ظل زحمة تراكمات واحتقانات مستمرة ومتفاقمة. 

وتخلّلت أعمالها تلك كثير من الأنشطة والفعاليات، وأبرزها الوقفات الاحتجاجية، والمشادات والمواجهات بين الأعضاء، واختلاف بعض المكوّنات، لكن وعلى أي حال لا يمكن الحكم على المؤتمر إلا بحصيلته النهائية ابتداء، ثم بتنفيذ مخرجاته بشكل صارم وجاد، بما يحدث التغيير الحقيقي في بنية الدولة وتركيبتها ومؤسساتها وأوضاع مواطنيها، ومدى ملامسة ذلك التغيير لهمومهم. 

 

أكثر ما يعانيه الحوار الذي يتقدّم بشكل جيد رغم كثير من التحديات، والإرباكات أن كثيراً من أجهزة الدولة ومؤسساتها، والحكومة بشكل عام باتت تدبر الأمور كتحصيل حاصل، بانتظار نتائج المؤتمر، وهذا خطأ كبير، إذ ينبغي لأجهزة الدولة أن تؤدّي وظيفتها بحيوية، وتعمل على تعزيز كفاءتها حتى آخر يوم في الحوار، لأنهما خطان متوازيان في عملهما خلال هذه الفترة لتلتقي في نهايتها عند مخرجات الحوار. 

خطأ فادح ناجم عن قصور أداء أجهزة الأمن لوظيفتها قبل وبعد الجريمة، كما هو حاصل في مقتل الشابين «حسن أمان ومحمد الخطيب» قبل أسابيع في صنعاء أو أعمال عنف في عدن، قد تكون كفيلة بإيصال مؤتمر الحوار إلى مرحلة الخطر، في وقت تنتظر تلك الأجهزة نتائج الحوار للارتقاء بأدائها ضمن منظومة الدولة الجديدة. 

وتبعاً لذلك فإن الحكومة وأجهزة الدولة ومؤسساتها الحكومية معنية بالعمل الدؤوب والجاد في تنفيذ وظائفها بكفاءة واقتدار، وبذل كل الجهود المتاحة لتخفيف الاختلالات وتحقيق قدر من رضا الناس، وتعزيز ثقتهم بالدولة تأسيساً لثقافة الدولة بشكلها الذي ستفرضه نتائج الحوار الوطني في غضون ثلاثة أشهر. 

مؤتمر الحوار ليس حلاً لكل شيء، ونتائجه ليست العصا السحرية التي ستنقذ البلاد، وتخرجها من دوامة أزماتها بحد ذاتها، إذ إن تنفيذ تلك المخرجات سيكون منوطاً بالسلطة التنفيذية التي إن تعاملت معها بذات العقلية التي طبقت فيها الأنظمة والقوانين المنظمة للحياة العامة في السابق؛ فلن يكون حظ اليمنيين منها سوى مزيد من الأزمات والتعقيدات، عوضاً عن التغيير والدولة التي يحلمون بهما. 

 

الخميس التقى صحافيون وكتّاب - كنت بينهم - مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، خارج رسميات البروتوكول، وفي حين حرص الرجل على الاستماع أكثر إلى ملاحظاتنا حول مسار التسوية والعوائق التي تعترضها، بدا من خلال بعض مداخلاته متفائلاً بما قطعته التسوية السياسية في اليمن!!. 

بن عمر عدّ التجربة اليمنية في الحوار نموذجية ونوعية وفريدة على مستوى المنطقة العربية، لكونها جمعت أطرافاً كانت تتواجه بالسلاح إلى الأمس القريب، ومنقسمة على بعضها، وأضحت تتبادل الآراء ووجهات النظر والنقاش بشكل ديمقراطي يعكس حالة صحية وإيجابية تمر بها البلاد.

لم يخفِ الرجل إدراكه جسامة التحديات التي تواجه المرحلة الانتقالية والحوار الوطني، لكنه يرى أن استمرارها في ذات الوتيرة؛ كفيل بإذابتها لصالح بناء الدولة وتحقيق التغيير المنشود. 

ورغم الانتقادات التي تطال المبعوث الأممي وتطال أداءه أحياناً؛ إلا أن الرجل يقوم بدور فاعل وحيوي ويحظى إلى حد كبير بقبول واحترام مختلف الأطراف المشاركة في التسوية السياسية، وتسهم جهوده بشكل مؤثّر في ردم الفجوة فيما بينها، وإن كان له سلبيات لا يخلو منها أي عمل سياسي في ظل وضع معقّد وشائك ومتداخل كهذا الذي نعيشه، فهو معني بالتعامل معها بإيجابية، واستيعاب ما أمكن منها بما يصب في مصلحة إنجاز التغيير في البلاد. 

[email protected] 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي