شوارعنا الآمنة

كتب
الاثنين ، ٠٢ ابريل ٢٠١٢ الساعة ١٢:٠٤ صباحاً

نجلاء العمري

ابرز ما ميز الثورة حين بدأت تلك السلوكيات الرفيعة للثوار في الساحات , كانت النساء يدهش حين يجدن كل التقدير والاحترام من الجميع، لا أحد يتطاول ولو بطرف عينه أو يمارس أي سلوك من السلوكيات التي يمارسها البعض في الشوارع العادية! كانت شوارع الثورة الأكثر مدنية على الإطلاق في تعاملها من النساء. لا نظرات ولا كلمات نابية ولا استهجان أو استهتار, حينها أدركنا فعلاً أن الثورة قد بدأت.

إحدى صديقاتي ذات يوم ثوري وجدت نفسها فجأة في ساحة التغيير وكانت لا تعرفها بعد , شعرت بالرعب من ذلك التجمع الذكوري الكبير، لكنها فجأة أدركت أنها في مكان مختلف، هبّ الجميع لمساعدتها وتوسيع المكان لتسير بكل تقدير واحترام , وشعرت لأول مرة وهي تسير في شوارع الثورة أنها في مأمن من المعاكسات وأي شكل من أشكال المضايقة , قالت كأني كنت أسير في مجتمع المدينة, قلت بل كنت تسيرين في مجتمع المدنية.

ليت الثورة تستمر فتطال كل شوارع مدننا العريقة, وتنتشر المدنية في عروقها فيحترم الرجل حقوق النساء , ويتقبل مشاركتهن بكل أشكالها لإثراء الحياة وتنمية المجتمع, إننا ندعو لبناء مجتمع مدني جديد يقوم على احترام الآخر والمواطنة المتساوية والمشاركة الاجتماعية والسياسية وتمكين النساء وكل شرائح المجتمع المغيبة والمستضعفة , وبدون ذلك لا أمل لليمن في مستقبل جديد وفي حياة مزدهرة ومستقرة .

وقد أثبتت المرأة اليمنية في نضالها السلمي مع أخيها الرجل أنها جديرة بذلك، وأنها قادرة على إدارة الحياة بكل اقتدار , وبمشاركتها الجبارة في النهوض بمتطلبات ثورة بحجم الثورة اليمنية الرائعة دللت على أنها تستحق كل الثقة والتمكين وأثبت معها الرجل اليمني أنه صاحب الحكمة اليمانية، الرجل المدني المتحضر المتقبل لوجودها كشريك أساسي في صناعة اليمن الجديد، لذا تغلغل دور النساء في كل مفاصل الثورة وعمّق من أهميتها وحضورها الجبار مما جعل العالم يغير نظرته للإنسان اليمني، وجعله الوضع الجديد يدرك أنه أمام حضارة حقيقية تجاوزت في لحظات كل موروثات الجهل والتخلف تجاه النساء إلى جعلهن في الصدارة، فكنّ المناضلات والثائرات والشهيدات والجريحات, وكن التاج الذي على رؤوسنا جميعاً.

لذا أدعو باسم كل يمني أصيل إلى الاستمرار في الثورة على بقايا الجهل والتخلف واحترام حق النساء في السير في شوارعهن آمنات, باسم الحضارة اليمنية العظيمة وباسم المدنية التي نبشر بها ونسعى نحو تأسيسها, شوارع آمنة، وحق الجميع في مواطنة متساوية هي أولى خطوات المجتمع المدني الذي نحلم به. لم يعد مقبولاً التصرف بغوغائية من قبل البعض واحتكار الحياة العامة بجهله وتخلفه، ولم يعد مقبولاً تواطؤ المجتمع مع تحرش كهذا كيف ما كان شكله وكيف ما كانت مستوياته, فكل أشكاله وكافة مستوياته هي انتهاك صارخ لحقوق الإنسان التي جعلت حق الحياة بكرامة من أهم بنودها , وقبلها أكد الرسول الكريم على ذلك الحق فقال عليه الصلاة والسلام : «أعطوا الطريق حقه» وكانت من أهم حقوق الطريق غض البصر وكف الأذى, فكان مجتمع المدينة بحق هو مجتمع المدنية .

 [email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي