تعز في ذاكرة العم عبدالرحمن بجاش ..!!

كتب
الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠١:٥٣ صباحاً

بقلم - هشام السامعي :
هذا الرجل التعزي ابن قرية الكدرة في قدس , ذاكرة لا تخون , يدهشك قدرته على سرد الوقائع التاريخية لهذه المدينة , عندما تقرأ له تعبر الحرف باتجاه الواقع لتعيش تلك الحكايات والذكريات , لن تغمض عينيك لتتخيل ذاتك جالساً في كرسي بوفية الإبي وهو يحكي عن هذا المقهى , كما ستقاوم دمعة تكاد تحرق القلب عندما تسمعه يتحدث عن كل الشخصيات التي مرت من هذه المدينة , ولن تتردد أن تصب جام سخطك على كل من أسس لهذا العبث والخراب الذي أصاب ذاكرتنا الوطنية ليغيب تعز من ذاكرة الأجيال القادمة , ستشعر بوجع في الروح وأنت تراقب هذه القطيعة بين الجيل القديم والجيل الجديد بفعل هذه الانشغالات المادية بهموم الحياة ومتطلباتها .
كل هذا الشتات سيجتمع في حكايات العم عبدالرحمن وهو يسرد تاريخنا المغيب عن هذه المدينة , ستتعرف معه على حافة اسحاق , على صيدلية اليمن , ستصافح معه سالمين , وستجد من يصفعك بقوة ليمنعك من الانحراف ويقبص أذنك ويقول لك “ قع رجال وانتبه تصيع “ , هذه هي تعز , التكافل الاجتماعي , الوعي المدني , التعاون , المدينة التي لا ترمي أبناءها في رحلة الاغتراب الطويل , ستجد صاحب محل بسيط يكفل مجموعة من الطلاب , ولن تتعب كثيراً قبل أن تجد من يضمنك في حال قررت الدراسة في الخارج , كل هذه هي قيم تعز المدنية , قيم تعز التي تحن إليها , إلى تاريخها الذي طمسته أيادي الهمجية , معاول الهدم المستمر , أعداء المدنية خصوم تعز الأبديين .
عندما تسمع له تنغمس في التفاصيل التي يتذكرها بعناية , ستجد أسماء لأول مرة تسمع بها , وعندما يستحثك فضولك للبحث عنهم ستعلن جهلك بهذه المدينة ورجالاتها .
بالله عليكم بلغوا هذا الرجل البسيط والمتواضع محبتي تلك التي لا أملك غيرها , دون تملق أو رجاء لمصلحة , قولوا له تعز ستظل بخير طالما كانت حاملة لكل تلك القيم الإنسانية , قولوا له يا عم عبدالرحمن سيولد جيل جديد يحمل الراية كما كان يعد أمل دنقل , سنعود مرة أخرى لنتعرف على تعز لنستوعب لماذا كانت تحارب بتلك الطريقة الهمجية , لندرك عظمة هذه المدينة , وشموخ رجالاتها الذين غادروها بصمت بعد أن وضعوا بصمتهم الإنسانية للأجيال القادمة .
رسالة إلى الحاج علي محمد سعيد وإلى كل الخيرين في مجموعة هائل سعيد أنعم : اليوم تحتفي مؤسسة السعيد بعرسها السنوي , وتعيد للذاكرة تلك التجمعات الثقافية التي وجدت في الجزيرة العربية منذ ما قبل الإسلام عندما كان يتجمع كل الشعراء إلى مكان يبرز بهم يكتبون أجمل الأدب , نتمنى منكم أن تعلنوا هذه المؤسسة وقفاً للأدب والثقافة بحيث نضمن بقاءها واستمرارها إلى أن يشاء الله , فكل هذا المال يمكن أن يذهب لو قدر الله لكن هذه المؤسسة وهذا العمل التنويري هو من سيخلد ذكراكم مدى الدهر , اجعلوها وقفاً حراً لهذه المدينة , للتنوير والمعرفة , وهذا ما سيجعلنا نشعر بعظمة هذه المدينة أكثر , ونطمئن لمستقبلها ومستقبل أجيالها .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي