عن الثورة.. انتهت أم بدأت؟

كتب
الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٤ صباحاً

 

الثورة حلم أجيال لا يتصور احدنا أنها تغيب وهي فعلاً لن تغيب ويجب ان لا تغيب .. غيابها ليس أكثر من غياب روح اليمن الجديد .. الثورة لا تعرف التوقف وهي ليست خيمة ولا ساحة ولا مظاهرة ولا اعتصاماً ولا تغيراً ولا تنمية ولا تطهيراً.. الثورة هي كل هذا وزيادة، هي روح يجب ان تبقى في الناس، هي مبادرة قادرة على الهدم والبناء, هي قيم للكرامة والحرية ,هي جاهزية رافضة وتمرد ايجابي وهي التي يجب أن تهذب ويحافظ عليها .. 

إن الثورة الشعبية هي بالأساس استعادة قوة المجتمع وتجديد قوة المبادرة المتجددة .. انها بداية حقيقية لحل إشكالية الحكم المستعصية.. كل مشاكل العرب نابعة من مشكلة واحدة هي الاستبداد وإشكالية الحكم وهذه وليدة لابتعاد الناس وإبعادهم عن ممارسة الحق العام والدفاع عن الشأن العام وفي المقدمة الحكم .. لقد كانت خطة محكمة من الاستبداد أبعدت الناس من الحكم والتدخل في الشأن العام باعتباره حقاً استثنائياً للحاكم لا يحق الاقتراب منه، حق بقوة الغلبة والسيف وبعضهم زاد بقوة الحق الإلهي كادعاء كاذب، وهذا الإبعاد اقتنع به الناس وآمنت به الشعوب وهو ما عرف (بقابلية الاستبداد)، فانكفأت للدفاع عن حقها الخاص (الحول والبقرة والحمار والدكان ) (مثلاً) بينما المدرسة ومشروع المياه والمال العام والوظيفة العامة والمؤسسة العامة ومؤسسة الحكم أمر لا دخل للعامة فيه مع أنهم أصحاب الحق .. وفقدت الشعوب بهذا الحق العام والحق الخاص معاً لأن هذا الأخير يموت عندما يموت الحق العام الرافد الأساسي للحق الخاص .. وأكثر من هذا فإن انكفاء الناس على الحق الخاص وترك التدخل بالحق العام ولد عندهم خلق (الأنانية) وهو خلق مدمر لأي شعب مهما كان.

الثورة الشعبية إذن جاءت لنسف ثقافة الأنانية والسلبية وليس القعود مدة أطول في الخيم وإن كانت الساحة والخيمة شكلاً من أشكال الثورة تحددها الحاجة الثورية في المكان والزمان.. الثورة أعادت صياغة النفسية الشعبية وتفكير وحركة الجماهير .. إنها تنمية واستثمار للتضحية بالخاص من اجل العام وليس العكس السائد منذ قرون،، انها شعور بأهمية حماية المال العام وتقوية الدولة وترشيد الحكم ..

من حق الناس ان يتنازلوا ويضحوا بحقهم الخاص لكن لا يحق لهم ان يتنازلوا عن الحق العام بل يضحوا بالخاص من أجل العام، وهذه هي فلسفة الحضارة، ولهذا فإن الثورة روح جديدة مستمرة لن تنتهي بانتهاء الساحات وليس عملاً موسمياً وقتياً، ومن يغضب لرفع الساحات في هذه الفترة يكون واحداً من اثنين، الأول يظن أن الثورة مرتبطة بزمن وشكل معين وهذا غير صحيح لأن الساحات والخيم ليست إلا شكلاً من أشكال الثورة ومهما كان لابد لها ان تنتهي، بينما الثورة وقيمها يجب ان لا تنتهي من المجتمع فهي القوة والقيمة الجديدة وهي سلطة المجتمع والكرامة والرقابة والحضارة القادمة، وبإمكان قوة المجتمع وقيم الثورة أن تعيد الساحات في أي لحظة وتخترع وسائل جديدة طالما وقوة الثورة مترسخة ومتطورة كقيمة وقوة، هذا الصنف معذور وطيب، أما الثاني فهو مبتز ومخنوق من الثورة وتطورها، يمارس النقيض لا يعجبه العجب ولا الصوم في (رمضان )، لو استمرت الساحات صاح (واااعيطله) هذا عبث وإذا ارتفعت قال (واابيطله) هذه خيانة، يحاول أن يجد لنفسه المرفوضة من المجتمع موطئ قدم بالموقف النقيض يعكر المياه ليصطاد ويعرقل بناء موسسة الثورة..لأن الثورة في شكلها الأخير ليست إلا مؤسسات مستقرة وتنمية مستدامة وعدالة متجددة وحكم رشيد وإلا لا معنى لها ولا هدف.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي