فضفضة ثائرة (2)

كتب
الخميس ، ٠٤ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٥٦ صباحاً

بقلم: سمية الغيلي -

تفرد مكون ما في تحمل أعباء مسئوليات مجتمعية، في ظل احتقان تتجاذب فيه أطراف متباينة زعامةَ الحدث ليحظى بلقب الأسطورة، في الحين الذي لم يحظ بثقة الأكثرية المجتمعية المتوجسة من نواياه، يعد تهورا ومجازفة قد تخر بحاملها على قواه ليجرف آمال المجتمع المتطلع لأدوار أجلّ إلى منزلق مجهول الأركان والذي من شأنه خلخلة الثقة، وتزداد الهوة تفاقما إن أسندت أسبابه لاعتناق فكر ديني، جراء تعبئة سياسات قمعية أوغلت في تشويش صورة التيارات الإسلامية لدى الوعي المجتمعي لتهمش وتنحصر على فكرها في عزلة من وطن ضاق بمعتقدهم ذرعا، إن لم تكن أعزلت قسرا عن الحياة والممات معا.لتعامل كشرذمة ممقوتة يُخشى تأثر المجتمع بها ثقافيا واجتماعيا وسياسيا...ولكن قمعية الحديد ولدت نزعة التطرف، وما الإرهاب إلا بعبع ولدته عقول الفارين منه ليوقعهم في شركه، فكانت الجماعات التي صلدت قناعاتها على أيدلوجياتٍ، الإسلام منها بريء. وفي بيئة هذا شأنها تمخضت بفصيل فكر معتدل من هذا وذاك، بيد أنه لم يتخلص من جين العاطفة المستبد في حين يستأثر هو بنيل الحسن يرمي الآخر بأخطائه.
وفي هذا الصدد، لوتناولنا تجربة إخوان مصر بصرف النظر عن شرعية حكمهم، فالظفر بالسيادة حليف المتربع على ثقة الشعب... ففي الحين الذي لاحت بوادر تضحياتهم تزيح عن الأعين غشاوة تراكمات عقود، وقعوا ضحايا بهو أخرجهم من ضيق الحياة إلى أعالي مقاصدها، فغرتهم عجلة السرعة، لتسلك بهم طريق السياسة دون أدنى حنكة أو حتى ميسور دبلوماسية يتزودون منها. وانتهجوا دليلا حصريا يرشدهم، والركب من خلفهم يجرونه صاكين آذانهم عن الأصوات المستنكرة والمحذرة، ليقعوا فريسة أعداء استغلت تعالي أصوات ثوار أنقياء في محاولة استرداد مقود القيادة للالتفاف على الثورة وعكس مسارها. فارتفعت أصوات أكثر تعقيدا وتلاقفتها أحضان إعلام واسعة همها تأكيد الهاجس الوهمي ضد الاسلاميين.
فلو أنهم تحينوا زمن ظهور أمثل حتى يُمهَد لهم الطريق الشائك أمامهم، فيما اهتموا هم بكشف الضبابية ومعالجة أعين فُجِعت بحياة مداها لا يتجاوز رأس دجاجة، ليرتد ضررها بآثارأشد ضراوة...
مصر والإخوان إلى أين؟
أإلى تاريخ يوسع صفحاته لبطولاتهم؟
أم إلى معترك سياسي يستهويهم ـ كما استهوى نظراءهم في اليمن ـ قام على العبث بخيرات الشعب وأهدر طاقاتهم في خصومات استنفذت الأرواح وسالت الدماء تروي نزعة استبداد عاطفي يؤمم وجهه شطر السيادة، في حين تتمرط المواطنة ثياب رثة تخلد في عتامة بانتظار قادم ينتشلها إلى سكن نور جديد؟
وكم من الوقت نبقى نفترش الإقصاء ونلتحف الضغينة ونطوي المواطنة حكرا دون الآخر باسم الدين وعليه؟
فما تجربة مصر سوى طرقات أيقضت ذاكرة سئمت ذكر من أُسقوا آبار تجارب فأثمرت أوراقا على غصون نازية قد استبد بها العجب فتملست أخطاءها وارتأتها مناقب فحجبت محاسن من عداهم ـ فإما الكل إصلاحي أو ما حد على ظهرها سابر ـ فعدت عدو الاستخبارات تقتفي وترقب وترصد أعمال العباد في البلاد يخيل لهم أنهم عين الله في أرضه ..بينما جذورهم فرغوا للسياسة فانشغلت عنهم.
وكما تشير الدلالات العددية إلى حزب الإصلاح باعتباره ركيزة ستؤول إليها مراكز القوى السياسية للمرحلة القادمة. هل سيفيدون من واقع مصر؟ فالتجارب لا تستنسخ بأخطائها.
وهل سيتبلور سلوكهم بما تهرف به ألسنتهم من رفض الظلم والتهميش وتقبل الآخر بماهو عليه؟
هل لهم أن يروا النقد الموجه لهم من الخارج على أنه تصحيح مسار، لا اختزال مكانتهم؟
هل يعي العقل الجمعي أن سلوك الفرد فيهم مرآة ينعكس أثرها على الجميع، وأنه النافذة التي يُطل من خلالها على بيئة حزبه؟ ومالم يستعير مرشدوهم نظرة الخارج عنهم فإن العمى سيتملكهم!.
أما آن الأوان لعقلائهم معالجة الخلل باجتثاثه قبل ألا يتفاقم كخلية سرطانية استشرت وأهلكت الجسد؟ أم أن مشاركتهم الغث السمين يفيدهم لتوسيع الرقعة وإذاعة الصيت؟ أم أننا على موعد بتنزل الوحي يفصلهم إلى نقي ودخيل؟
يا طائرا أعجبه جناحيه مبسوطين اقبضهما قبل ألا تقع... فالجسد المترنح مالم يقيم مساره ويضم يديه السائبتين سيقصم... .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي