فضفضة ثائرة(1)

كتب
السبت ، ٣٠ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٢٤ صباحاً

بقلم: سمية الغيلي -

اصدار قرار وإلزام الجهات المعنية بتنفيذه دون تقديم بدائل تتيح لهم فرصة تجاوز عقباته، هو قرار لا منطقي، يفتقر في جوهره إلى رؤيا تحيط إلماما بما يترتب من تداعيات جراء تنفيذه.
فالفكر المرن، والنظر الثاقب، هو ما يميز صانع القرار. فقرار لا مسئول بمثابة عقبة تحول دون تحقيق الهدف منه، وعلاوة عليه الإطاحة بهيبة المقرر ومنزلته التي يتبوأها.

يوم طال مجيئه، وما كنا في انتظاره، فقط لأنه لم يكن له في عوالمنا الافتراضية مكان. وما إن جاء حتى شقت شفافيته تنهيداتُ سائقي المترات، حينما فتحوا أعينهم على قرار عطل آمالهم المتوقفة على تحصيل قوت يومهم، دون فرض أدنى تعويضات لهم، تحفزهم على امتثال الأوامر، وإدخالهم في بناء خال المنافذ ، ليجدوا أنفسهم مجبرين على صد التهميش بتهميش أكبر، وكسر الحظر، ومخالفة القوانين، ليقعوا ضحايا نهش أيدي المرور الجائعة أو البلدية الأكثر سوادا, والذين هم أولى بصدور قوانينا تدين شغبهم، وعدوانهم المتكرر على فئة من المستضعفين لا ملاذ لهم إلا نظرات من يعولون تحاصرهم وقد أشحبها الجوع وساعات الانتظار.
نحترم القوانين ذات الرؤيا الكاملة، ونحث على امتثالها؛ لكن أن يصدر قرارا يخدم جهة على حساب الإضرار بأخرى، لهو قرار في ظاهره المسئولية، وفي باطنه اجحاف لن يجني تبعاته سوى المعدمين، أما من يعتقد ضلوعهم في أحداث مسلسل الاغتيالات من على متن متر، ويخشى منهم في زعزعة أمن الحوار، فمهمتهم قائمة فالطرق إليها مفتوحة والفرص سانحة، وأيام الحوار طوال. فالكلاب الشاردة لن تظل فريستها على بعدها الزمكاني.

في هذا البلد غالبا ما يستوقفنا تناقض القرارات والقوانين، فكيف تؤمن منافذ الحوار من الخارج بينما الداخل يحتضن متورطين بجرائم اغتيال وقتل علني. فهل ملاحقة القتلة مجرد ادعاء، أم أن المحسوبية تجعل منهم عظاما يقررون مصير اليمن بتربعهم عضوية الانضمام للحوار، عوضا عن مثولهم خلف قضبان العدالة، مالم يكن الأوجب أن توسدهم الأرض ترابها.
الوأد السياسي للثورة وتبجح المتمصلحين على تضحيات أهلها، ورقص القتلة على دماء شهدائها ثم إدراج مسمياتهم قائمة المتحاورين ـ مقررين مصير ومستقبل البلد ـ يعد سفاهة ـ والسفه يحول دون إدارة المرء شئونه فضلا عن شئون وطن ـ . فإن كان للمحاصصة السياسية من نفوذ تفرضه، ففي مصفوفة النظام ممن لم تحرف ألسنتهم حقيقة أو تلطخ أيديهم بدم كثر.
فليعلم هادي أنه لولا الثورة لما كان له على قبة الحكم نصيب، فمهما كلل مسيره الرئاسي بنجاح إلا أن التاريخ ـ والتاريخ لن يغفر ـ سيقيدها بـ (لكنه! ... وسع لقاتلي.... تقرير مصير بلد...)..فلكن تحمل في طياتها الكثير من تساؤلات عديمة الجواب ولا نريد في ذلك تبريرات الساسة التي شاخت وكثرت تجاعيدها، فلم نعول عليها كما عولنا على شباب الثورة في تبني وقفة جادة وصادقة ترفض دخول قاتليهم والاختلاء بهم في سقف مكان واحد دون المحكمة.

وفي لفتة أخيرة لبعض أعضاء الحوار ـ وإن كانوا الأندر ـ ليعلموا أنهم يمثلوا بلدهم في فصل قضاياه المصيرية، وأنظار العالم ترقبهم على أنهم نخبة بلدهم المختارة. فلا يخول إليهم إذا ما ظفروا بمايكرفون الحديث أنهم في منافسة فن الإلقاء يخوضها طلاب مرحلة متوسطة، فيحيك حوار روايته في لحظة سذاجة منه قصد من ورائها التميز والبروز.
لكل عضو رؤىً يرتئيها، وله في ذلك حرية الكلام، فهل من حق اللجنة أن تقيده دون ذكر شخصيات مثلا أو جهات يجرمها وله الأحقية في ذلك ؟ وهل ديمقراطية الحوار تحول دون ذلك؟ أم أنها الخشية من أن تدنس مسمياتهم مجلس الحوار؟

لي أمل أقرع نزل بيداء بعد أن اطلع على تشكيلة الحوار، فهل سنشهد لمخرجاته واقعا تثمر به آمالنا، وتحول رؤى أقلامنا الحائدة عنه؟

الحجر الصحفي في زمن الحوثي