في قلب الهاوية

كتب
الاربعاء ، ٢٧ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٣٣ صباحاً

 

بداية من الضرورة بمكان تحديد ماهية الهاوية المالية، ولماذا هذا المصطلح الذي يغني منطوقه عن تعريفه، ذلك أن الهاوية المالية تعني ببساطة شديدة عدم قدرة الاقتصاد على تلبية حاجات التوازن الطبيعي بين عناصره، وآية ذلك الانكشاف المالي الراهن في الولايات المتحدة والمتمثِّل في الديون التي بلغت مئات التريليونات، المترافقة مع عجز واضح عن مجابهتها بالاقتراض الذي لم يعد إليه من سبيل، أو بالمزيد من إغراق السوق المالية برصيد متزايد من العملة المطبوعة خارج التناسب الجبري مع الموجودات الثابتة والمتحركة في الاقتصاد، بوصفه القانون الناظم لإصدار العملة؛ فالمعروف تقليدياً أن العملة لا يمكنها أن تحقق شرط توازنها المرصود في الوظائف التلقائية لها إلا باحترام قوانينها الداخلية، وأبرزها أن تكون معيار تبادل بين السلع، ووسيلة ادخار، ومخزن قيمة حقيقية ، وبالاستتباع، قيمة ائتمانية تحقق الثقة والمصداقية. 

 هذه الشروط تنتفي فيما إذا تم إصدار العملة لمجرد إغراق السوق بالمزيد منها، ومن هنا تنشأ ظاهرة التضخم الخطيرة التي ترافقت في الحالة الأمريكية بما سُمِّي الفقاعة المالية.. أي تداول العملة وفق رخصة مفتوحة للعرض والطلب، ودون تحقيق الهدف من ذلك التداول، مما أفضى إلى تجارة مالية صرفة كان من نتائجها الماثلة إفقاد العملة الأمريكية قيمتها الفعلية، ولنا في الحالتين اليونانية والقبرصية كل العبرة والعظة، فاليونان وقبرص انخرطتا في تجارة المال الصرف، من خلال الأسهم والمستندات الواعدة بأرباح افتراضية، وعندما حصحص الحق وانكشف المستور وجدوا أنفسهم على قارعة الإفلاس والتوسُّل، وما كان للبلدين أن يقعا في هذه المصيدة القاتلة لو أنهما احتسبا لمفهوم التنمية المستدامة، وأدارا ظهرهما لإغراءات التجارة المالية المجردة التي رشَّد لها ورعاها سدنة آلـ(وول استريت) من المضاربين اللاهثين وراء الأرباح المجانية. 

[email protected] 

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي