تفاؤل في اليمن.. لا يخلو من القلق

كتب
السبت ، ٢٣ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٢٣ صباحاً

 

 

تفاءل اليمنيون خيراً بانطلاق مؤتمر الحوار في بلادهم بمشاركة كافة الفرقاء والفعاليات السياسية والحزبية والمجتمعية ,خصوصاً وهم من رأوا في هذه الخطوة فرصة تاريخية لإعادة الثقة بين أبناء الوطن الواحد وكسر الحواجز الوهمية والمصطنعة التي تعمقت فيما بينهم بفعل حدة الخلافات والانقسامات والصراعات ودورات العنف التي توالت على اليمن سواء في عهود التشطير او خلال سنوات الوحدة. 

وارتفع مستوى هذا التفاؤل أكثر عند معظم اليمنيين بوجود الرئيس عبدربه منصور هادي على رأس مؤتمر الحوار الذى حرص في الجلسة الأولى على أن يبعث إليهم رسالة يطمئن فيها الجميع على أن الأوضاع في بلادهم أخذت تسير في الاتجاه الصحيح والسليم ,مشيراً إلى أن ما يعول على مؤتمر الحوار هو تشخيص وتوصيف المشكلات التي يعانيها الواقع اليمني والخروج بحلول شاملة وضامنة تحافظ على سلامة اليمن وتحميه من التشرذم ومشاريع التجزئة الهدامة التي تهدد وحدته وسيادته وأمنه واستقراره. 

ويبني المتفائلون آمالهم وتوقعاتهم بنجاح مؤتمر الحوار ايضاً من قناعتهم بان المجتمع الدولي الذى حال دون انزلاق اليمن إلى المصير الذى انتهى إليه الصومال، ووقف إلى جانب التسوية السياسية السلمية التي رسمت معالمها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لن يسمح بأي حال من الاحوال لأي طرف كان، في الداخل أو الخارج، بإفشال مؤتمر الحوار وإفساد مناخاته وتعطيله وجر اليمن من جديد إلى دوامة العنف والفوضى بالنظر إلى الموقع الجغرافي والاستراتيجي الحساس لهذا البلد وإطلالته على أهم المضايق البحرية الذى وإن عمته الفوضى فانه الذى قد يتحول إلى بؤرة يصعب السيطرة عليها. 

ومع كل هذا الاهتمام الذى يوليه المجتمع الدولي نجد أن حل معضلات ومشكلات اليمن يظل بيد أبنائه الذين لابد أن يكون رهانهم أولاً على أنفسهم وعلى استشعارهم بحجم المسئولية التي تقع على عواتقهم اليوم وهم يبدأون حواراتهم من أجل التوافق على الوسائل والسبل التي من شأنها انقاذ بلادهم وإخراجها من نفق الأزمات والمشكلات المستعصية التي لاشك أن عدداً منها قد صنعتها أيديهم أكثر مما ساهمت فيها أقدارهم ومع كل ما أسلفنا يبقى من الواضح أن حجم المشكلات وخطورتها تفرضان على المشاركين في مؤتمر الحوار الإقرار بضيق مساحة المناورة السياسية التي تزداد ضيقاً يوماً بعد يوم ليس بفعل ضغوط الخارج وانما بسبب تفاقم الاوضاع المعيشية للمواطنين الذين يشعرون أن كثيراً من الازمات التي يتجرعون مراراتها هي في الواقع من صنع السياسيين والنخب الحزبية والوجاهات القبلية التي تشارك في معظمها في مؤتمر الحوار. 

ومع ان المواطن اليمني البسيط هو من يعول على مؤتمر الحوار ان يضع حداً فاصلاً لكل المشكلات التي يحصد أشواكها على صعيد حياته اليومية نرى بعض تيارات الحراك الجنوبي التي قاطعت مؤتمر الحوار واتجهت إلى تصعيد فعاليات التظاهر المطالبة بالانفصال تسعى إلى التأثير في مؤتمر الحوار عبر تأزيم الاوضاع الامنية في محافظة عدن، وإثارة الغبار على حالة التفاؤل والمناخ السياسي الايجابي الذى تولد عن اتفاق اليمنيين على الحوار. 

ومن الواقعية ألا نلوم أولئك البسطاء الذين يتم التغرير بهم واستغلال ظروفهم المعيشية للدفع بهم إلى قطع الطرقات وتعكير الامن والسكينة العامة ولكن فان المسئولية تقع على أولئك السياسيين الذين يحرضون بالعلن على العنف ويدعون إلى رفض الحوار خدمة لأجندات خارجية صارت معروفة ومكشوفة في اليمن وخارجه. 

وفي ظل استمرار هذه الحالة المقلقة يجب ان يسأل كل يمني نفسه ماذا قدم لوطنه حتى يحميه من تلك العناصر المنفعلة التي تنادي بتمزيقه وتفتيته ولماذا يترك هذا الوطن لقلة تعبث به كما تشاء؟ ولماذا أصبح بعض اليمنيين سلبيين إلى هذه الدرجة؟ هل هو الخوف أو عدم المبالاة؟ أو ضعف الوطنية أو عدم الغيرة أم هو اليأس من الاصلاح والاقتناع بما يحدث؟ 

قد تكون لكل واحد اجابته واسبابه وقناعاته الشخصية ولكن مهما اختلفت الاجابات والآراء والقناعات والمصالح ,فلا يمكن الاختلاف ابداً على ان حماية الاوطان هي مسئولية كل ابنائها، ولا يجوز على الاطلاق ان تعبث فئة صغيرة باليمن كما يحلو لها فيما الكثرة الكاثرة غافلون أو لاهون أو خائفون أو مترددون أو يائسون أو متفرجون مع ان أمامهم كثير وكثير مما يجب ان يعملوه حتى لا يأتي اليوم الذى يبكون فيه وطناً يستحق أكثر من البكاء. 

الرياض 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي