مبدئيا يجب أن نشير إلى أن انتقاد حزب الإصلاح لا يعني مطلقا النيل من الثورة ، ولا يعني أيضا التنكر لأدوار هذا الحزب الوطنية .
لقد كانت الثورة تتنفس من رئة الإصلاح ، ليس لأنه الأكثر إيمانا من بقية الثائرين ، بل لأن حضوره أعطى المشهد مسمى الثورة بكل دلالاتها وأبعادها .
ثم إن الحديث عن دور آل الأحمر في الثورة مسألة أخرى مختلفة تماما عن تسجيل هذا الاعتراض .
هذه مسلمات بسيطة لكن سيكون علي أن أشير إليها .
الجميع تناول حزب الإصلاح قدحا ومدحا حين أعلن قائمته المشاركة في الحوار ولكل دوافعه بالتأكيد .
وحزب الإصلاح يوفر فرص حقيقية لخصومه على الدوام ، أما أنصاره فهو يطمئن لثقتهم بالقيادة .
هذه المواقف هي محطات اختبار الثقة ، هذه الثقة التي تكون غالبا مطلوبة من طرف واحد .
الدلالة الأولى : مخاطر الفشل
يعكس اختيار الشيخين دلالة مهمة تتعلق بالحوار الوطني واستعدادات حزب الإصلاح لحوار مثمر ينظر للمستقبل .
نصف أعضاء المؤتمر هم من الجنوب ، وهم جميعا يحفظون كلام الشيخ الأحمر وكيفية تعاطيه مع القضية الجنوبية .
سيقول الأحمر "الوحدة أو الموت " كما يردد دائما ، و ربما ينفض مؤتمر الحوار على وقع هذه اللغة المتشنجة .
للشيخ فسيولوجية خاصة ، هو الآمر الناهي كما تعود دائما ، وهذه النفسية التي تعتقد دائما صوابية رأيها تعرض الحوار لمخاطر الفشل ، يكفي أن يقول رئيس المؤتمر للشيخ " اجلس مكانك " كي يسمع بعدها فرقعة البنادق .
المسألة إذن متعلقة بالحوار ومخاطر الفشل ، لأن دور الشيخ لا يمكن إحلاله مكان السياسي المناور .
"ليتخذ بعضكم بعضا سخريا " هذا قانون القرآن .
" ووضع الندى في موضع السيف " هذه حكمة الزمن والتاريخ وليس المتنبي فقط .
الدلالة الثانية : اختراق القبيلة
يعكس هذا الاختيار أيضا صورة مشوشة في استراتيجيات الحزب مع القبيلة ،
حتى الآن المؤتمر الوحيد الذي عقد بين كل الأحزاب والتكتلات هو مؤتمر تحالف القبائل .
كتبت يومها " مايحصل هو تنظيم للقبيلة وليس تمدينا لها "
هذا المؤتمر استدعى الشيوخ من كل بقاع اليمن والمناطق التي لم تكن جاهزة تم تجهيز الشيخ على طريقة سلق البيض .
لم أعترض يوما على اختراق الإصلاح للقبيلة ، في النهاية هو حزب سياسي يبحث عن أصوات في الانتخابات ، والقبيلة نسيج يمني أصيل لا ينكره أحد ,
المهم هو أن يمتلك الحزب خارطة طريق على المدى البعيد تعمل على تمدين القبيلة وتذويبها في النسيج العام للمجتمع .
يجب أن لا تكون القبيلة قادرة على أن تتحول لخطر يتهدد الدولة ، هذا ما أقصده بلفظة التذويب .
لقد اخترق الإصلاح القبيلة ، لكن يبدو أن الاختراق كان مزدوجا واختيار عضوين أخوين ربما يعكس تبادل الضغوط .
الدلالة الثالثة : سلطة المركز
يمكن لأي شاب في الإصلاح أن يلحظ حجم تأثير المركز من خلال دراسة التعيينات التي تمت في مؤسسات الدولة والتي تكون في الغالب قريبة من المركز و ربما تحظى بعلاقات من نوع ما .
أي تصويت حتى في حلقة إصلاحية واحدة لايمكن أن يجمع على اختيار شخصين من أسرة واحدة , لكنها سلطة المركز تفعل ذلك وأكثر .
الدلالة الرابعة : نفَس الكهولة
صار واضحا تقريبا أنه لولا اشتراطات اللجنة الفنية للحوار لما رأينا ربما وجها شابا بشوشا .
هذه النفسية المتعالية يقف خلفها زعم عجيب يؤمن بحكمة الكهل ويتجاهل روح الشباب .
كان كهلا واحدا يكفي كي يزود الطاقات الحيوية بالحكمة ويسندهم بالتجربة ويوفر لهم فرص التدريب والمشاركة .
الكهولة التي لايبدو أنها ستشيخ قريبا ..
****
قبل أيام قال الشاب الثائر وليد العماري على قناة سهيل في حوارية عن المؤتمر الوطني للشباب " لدينا شخص واحد يمثل تيار العدالة والبناء في الصباح ويمثل الحوثي من بعد الظهر " ،
الحوثي في الحقيقة يفكر بطريقة أخرى ، فهو يستورد مقابل كل إصلاحي بندقية ،
لكن حزب الإصلاح قد كتب بالخط العريض في أهم مؤتمر في تاريخ اليمن على الإطلاق " موتوا بغيظكم " وربما يرسل حزب المؤتمر الشيخ الشايف و ابنه مجيبا " فنجهل فوق جهل الجاهلينا " .
كتب عمر بن عبد العزيز لأحد عماله " لقد كثر شاكوك وقل شاكروك ، فإما اعتدلت وإما اعتزلت " ، أما جده عمر بن الخطاب فقد عزل سعد بن أبي وقاص بعدما ثبتت براءته تماما في العراق ، ذلك لأن رأي الناس مسألة لها اعتبارها في الثقافة الإسلامية .
ستلاحظون أنني لم أتناول الشيخين بسوء ، لست مهتما، أنا فقط أتفهم كثرة الشاكين وقلة الشاكرين كسبب ممكن للعزل حتى لو كانوا أبرياء من كل سوء .