دلالات اختيار الشيخين

كتب
الاثنين ، ١١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٢٦ صباحاً

 

مبدئيا يجب أن نشير إلى أن انتقاد حزب الإصلاح لا يعني مطلقا النيل من الثورة ، ولا يعني أيضا التنكر لأدوار هذا الحزب الوطنية . 

لقد كانت الثورة تتنفس من رئة الإصلاح ، ليس لأنه الأكثر إيمانا من بقية الثائرين ، بل لأن حضوره أعطى المشهد مسمى الثورة بكل دلالاتها وأبعادها . 

 

ثم إن الحديث عن دور آل الأحمر في الثورة مسألة أخرى مختلفة تماما عن تسجيل هذا الاعتراض . 

 

هذه مسلمات بسيطة لكن سيكون علي أن أشير إليها . 

 

الجميع تناول حزب الإصلاح قدحا ومدحا حين أعلن قائمته المشاركة في الحوار ولكل دوافعه بالتأكيد . 

وحزب الإصلاح يوفر فرص حقيقية لخصومه على الدوام ، أما أنصاره فهو يطمئن لثقتهم بالقيادة .

هذه المواقف هي محطات اختبار الثقة ، هذه الثقة التي تكون غالبا مطلوبة من طرف واحد . 

 

الدلالة الأولى : مخاطر الفشل 

 

يعكس اختيار الشيخين دلالة مهمة تتعلق بالحوار الوطني واستعدادات حزب الإصلاح لحوار مثمر ينظر للمستقبل . 

نصف أعضاء المؤتمر هم من الجنوب ، وهم جميعا يحفظون كلام الشيخ الأحمر وكيفية تعاطيه مع القضية الجنوبية .

سيقول الأحمر "الوحدة أو الموت " كما يردد دائما ، و ربما ينفض مؤتمر الحوار على وقع هذه اللغة المتشنجة . 

 

للشيخ فسيولوجية خاصة ، هو الآمر الناهي كما تعود دائما ، وهذه النفسية التي تعتقد دائما صوابية رأيها تعرض الحوار لمخاطر الفشل ، يكفي أن يقول رئيس المؤتمر للشيخ " اجلس مكانك " كي يسمع بعدها فرقعة البنادق . 

 

المسألة إذن متعلقة بالحوار ومخاطر الفشل ، لأن دور الشيخ لا يمكن إحلاله مكان السياسي المناور .

"ليتخذ بعضكم بعضا سخريا " هذا قانون القرآن . 

" ووضع الندى في موضع السيف " هذه حكمة الزمن والتاريخ وليس المتنبي فقط .

 

الدلالة الثانية : اختراق القبيلة 

 

يعكس هذا الاختيار أيضا صورة مشوشة في استراتيجيات الحزب مع القبيلة ، 

حتى الآن المؤتمر الوحيد الذي عقد بين كل الأحزاب والتكتلات هو مؤتمر تحالف القبائل . 

كتبت يومها " مايحصل هو تنظيم للقبيلة وليس تمدينا لها " 

هذا المؤتمر استدعى الشيوخ من كل بقاع اليمن والمناطق التي لم تكن جاهزة تم تجهيز الشيخ على طريقة سلق البيض . 

 

لم أعترض يوما على اختراق الإصلاح للقبيلة ، في النهاية هو حزب سياسي يبحث عن أصوات في الانتخابات ، والقبيلة نسيج يمني أصيل لا ينكره أحد , 

المهم هو أن يمتلك الحزب خارطة طريق على المدى البعيد تعمل على تمدين القبيلة وتذويبها في النسيج العام للمجتمع .

يجب أن لا تكون القبيلة قادرة على أن تتحول لخطر يتهدد الدولة ، هذا ما أقصده بلفظة التذويب . 

 

لقد اخترق الإصلاح القبيلة ، لكن يبدو أن الاختراق كان مزدوجا واختيار عضوين أخوين ربما يعكس تبادل الضغوط . 

 

الدلالة الثالثة : سلطة المركز 

 

يمكن لأي شاب في الإصلاح أن يلحظ حجم تأثير المركز من خلال دراسة التعيينات التي تمت في مؤسسات الدولة والتي تكون في الغالب قريبة من المركز و ربما تحظى بعلاقات من نوع ما . 

أي تصويت حتى في حلقة إصلاحية واحدة لايمكن أن يجمع على اختيار شخصين من أسرة واحدة , لكنها سلطة المركز تفعل ذلك وأكثر . 

 

الدلالة الرابعة : نفَس الكهولة 

 

صار واضحا تقريبا أنه لولا اشتراطات اللجنة الفنية للحوار لما رأينا ربما وجها شابا بشوشا .

هذه النفسية المتعالية يقف خلفها زعم عجيب يؤمن بحكمة الكهل ويتجاهل روح الشباب . 

كان كهلا واحدا يكفي كي يزود الطاقات الحيوية بالحكمة ويسندهم بالتجربة ويوفر لهم فرص التدريب والمشاركة . 

الكهولة التي لايبدو أنها ستشيخ قريبا .. 

 

**** 

 

قبل أيام قال الشاب الثائر وليد العماري على قناة سهيل في حوارية عن المؤتمر الوطني للشباب " لدينا شخص واحد يمثل تيار العدالة والبناء في الصباح ويمثل الحوثي من بعد الظهر " ، 

 

الحوثي في الحقيقة يفكر بطريقة أخرى ، فهو يستورد مقابل كل إصلاحي بندقية ،

لكن حزب الإصلاح قد كتب بالخط العريض في أهم مؤتمر في تاريخ اليمن على الإطلاق " موتوا بغيظكم " وربما يرسل حزب المؤتمر الشيخ الشايف و ابنه مجيبا " فنجهل فوق جهل الجاهلينا " . 

 

كتب عمر بن عبد العزيز لأحد عماله " لقد كثر شاكوك وقل شاكروك ، فإما اعتدلت وإما اعتزلت " ، أما جده عمر بن الخطاب فقد عزل سعد بن أبي وقاص بعدما ثبتت براءته تماما في العراق ، ذلك لأن رأي الناس مسألة لها اعتبارها في الثقافة الإسلامية . 

 

ستلاحظون أنني لم أتناول الشيخين بسوء ، لست مهتما، أنا فقط أتفهم كثرة الشاكين وقلة الشاكرين كسبب ممكن للعزل حتى لو كانوا أبرياء من كل سوء .

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي