الإصلاح والمؤتمر والاشتراكي

كتب
الجمعة ، ٠٨ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٣:١٠ صباحاً

 

 

قديماً تميَّز الأغارقة اليونانيون بجدل الكلام المقرون بالـتأمل والحكمة، وقد وصلوا إلى نتائج تصب في مجرى التأكيد على المنطقين الشكلي والبرهاني، وكانت من ضمن مقولاتهم الصالحة لكل زمان ومكان أن يتم استقراء الظواهر من خلال مقدماتها، وبهذا المعنى أرى أن ننظر إلى مقدمات ومصائر الربيع العربي من خلال الأسباب العميقة التي أفضت إلى هذه النتائج، ولأننا بصدد الوقوف على الموديل اليمني في زمن الربيع العربي، ولأن السؤال المطروح يتعلق بتيار الإسلام السياسي اليمني ممثلاً في حزب الاصلاح وامتداداته العميقة اجتماعياً وقبلياً ومالياً، وحتى في سُلطة صنع القرار السياسي، كما كان الحال على عهد الراحل عبدالله بن حسين الأحمر ومن بعده آخرون، فإن من الأهمية بمكان ملاحظة أن الإصلاح كان وما زال في قلب المعترك السياسي الفاعل في القرار، لكن نتائج حرب 1994م انعكست سلباً عليه في جانب، فيما كرست نفوذ ممثليه الإجتماعيين في معادلة السلطة والثروة في الجانب المقابل، وكذا بدت المُخاتلة في تعامل النظام السياسي السابق مع تيار الإسلام السياسي، بل أستطيع القول بكل يقين وثقة إن نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح أسهم في ترسيخ مكانة الإسلام السياسي وفق طرازه اليمني الخاص، وهو طراز جمع فرقاً بكاملها، من الأوليغاركيا المالية والعسكرية، بالإضافة إلى بيادق أيديولوجية تتوسَّل الجواب السياسي من خلال المعيار الديني التاريخي بشكليه الطهراني والبراغماتي، بالترافق مع سياج واسع للشباب الفتيِّ، من المنخرطين في طُوبى المثال الذي يقدمه دُعاة الاسلام السياسي، الرافعين عالياً راية الفكر الإخواني المسلم. 

خلال الانتفاضة الشعبية اليمانية المشهودة لعب حزب الاصلاح دوراً هاماً، استناداً على قاعدته التنظيمية العريضة، والتحاق قطاعات شبابية واسعة في مشروع رؤيته ونموذجه، وقدرته الفائقة على تغذية ساحات التغيير بمئات آلاف النساء والرجال. لكن ذلك ما كان له أن يتخذ ذلك الزخم المَلْحمي الجماهيري الهادر لولا تحالف أحزاب اللقاء المشترك، والدور المُبادر الاستباقي لشباب الحزب الاشتراكي والناصريين، وغيرهم من المجاميع ذات الافق السياسي المقرون بالأحزاب، بل إن تلك الملحمة برمتها ما كان لها أن تشكل أداة ضغط هائلة لولا الانشقاقات الكبيرة التي حدثت في المؤتمر الشعبي، وكان لها دور حاسم في معادلة القوة والفاعلية العسكرية التي لا تعترف الأنظمة العربية بغيرها.. وللحديث صلة. 

 

 [email protected] 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي