متوالية السقوط الحر في الصومال

كتب
الاثنين ، ٠٤ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٣٣ صباحاً

 

بقلم/ د.عمر عبد العزيز

بعد وحدة شطري الصومال الطوعية في عام 1960م غادر نخبة من الشماليين إلى العاصمة الجنوبية مقديشيو حيث شملتهم مباهج : «المَنِّ والسلوى» للدولة المركزية الشمولية التي ترافقت مع انقلاب العسكريين ضد النظام البرلماني للرئيس المغدور عبد الرشيد علي شرماركي. أمَّا الذين ظلوا في مناطقهم بمدن هرجيسا وبرعو وغيرها فقد تُركوا لركود واقعهم الذي لم يتحرك كثيراً، ولم يعرفوا منافع الدولة والوحدة، وسارت الأمور على هذا المنوال ردحاً من الزمن. 

كان من الطبيعي والأمر كذلك أن يتململ الناس في الشمال، وهذا ما حصل عملياً، وجاء الرد الحكومي على التمرد واضحاً في خياراته، مفتوحاً على كل الاحتمالات، ومُعاضداً لمركزية القوة العسكرية الميدانية التي انبرت للتصدي، وتركت السياسي جانباً ليجد الرئيس «سياد بري» نفسه ومن معه من النخبة السياسية أمام واقع حال تفرضه الآلة العسكرية وقيادات الجيش، الذين تركوا الأمور تتدهور في الشمال، وصولاً إلى شن عمل عسكري معلن ضد ما أسموه التمرد في هرجيسا وبرعو. 

منذ أن تولى محمد سياد بري السلطة إثر الانقلاب على الشرعية الدستورية البرلمانية للرئيس المغدور«عبد الرشيد علي شرماركي»، شرع في لملمة السلطات بيده، واستبعد إجرائياً كل من عارض نهجه ومنطقه، وتحول تباعاً إلى دكتاتور فولكلوري كتلك التي سادت بلدان أمريكا اللاتينية وإفريقيا، وتمتّع “سياد” بقدر كبير من الدهاء والمرونة، واستخدم أدوات الترغيب والترهيب بفعالية استثنائية، واستفاد من خبراته العسكرية القادمة من مدرسة “موسوليني” الإيطالية العتيدة، بل إنه كان “قومجياً” حتى مُخ العظم مثل معلمه الأول “موسوليني”، كما استفاد وإلى حد كبير من معرفته الدقيقة بالخصوصية الإجتماعية الصومالية وتضاريسها المتنوعة. غير أن هذه الملكات والمهارات لم تشفع له، فقد تابع متوالية السقوط الحر منذ أول لحظة للاغتيال السياسي، وحتى الخروج المشين من العاصمة بمعيّة حفنة من حراسه.. وللحديث ختام. 

[email protected]  

الحجر الصحفي في زمن الحوثي