نعــــم هـذه ليسـت الوحـدة التي أردناها!!

كتب
الجمعة ، ٠١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٢٢ صباحاً


بقلم- منال الأديمي -

تكشف لنا ثورتنا يوماً بعد يوم، وفي جولاتها الكثيرة، ووقوفنا المتكرر في كل جولة لمواجهة خطر وتحدٍ آخر، أننا جميعاً على ذات المركب، لكننا وللأسف لسنا على قلب واحد، وبدأت الحقائق المخيفة هذه تتكشف يوماً بعد يوم؛ حين أظهرت الأيام أحط سلبيات ثورتنا وهي ظهور المشاريع الثانوية والضيقة بزعامات جديدة قديمة جديدة المشروع البغيض، قديمة الأطماع والجرُم في حق هذا الوطن، وعلى أكثر من اتجاه، تارة المناطقية، وتارة مذهبية وعقائدية، وهذه الأخيرة لم يعرفها اليمنيون من قبل.
بعيداً عن ذاك القنديل ومشروعه البغيض سنعود نحو موضوعنا اليوم وهو مشروع آخر عاد للسطح اليوم وبقوة في تحالف ليس خافياً عن أحد بين من كانا بالأمس يذكران في سفر تاريخنا المعاصر أنهما صانعا وحدة هذا الوطن، وعاد التاريخ ذاته ليلعنهما لاحقاً ويضعهما في أحط وأسود صفحاته.
فكلا الرجلين اليوم يرغب بالعودة إلى المشهد ولو كلفه الأمر إحراق البلد وإغراق سفينة الوطن بمن عليها، فكلاهما لديه وطن بديل ينتظره وقت الهروب، فأما نحو وطن العمالة والارتزاق أو نحو وطن أعده بسنوات حكمه العجاف، ونهب خير هذا البلد لمثل هذه اللحظة لحظة الهروب، وفي الأخير هذا الوطن ومن عليه من سيدفعون ثمن حماقة هذين الرجلين؛ فليس لدينا أوطان بديلة.
إن ناقوس الخطر الذي دقته الأوضاع المتفاقمة والمأساوية في الجنوب تجعلنا التوقف والتأمل في الخطر الذي أصبح يحدق بالجميع، وهي رسالة إنذار وتحذير لربما قد تكون الأخير ة للساسة وكل العقلاء في هذا البلد، مفادها يقول: إن تجاهل عدالة القضية الجنوبية والتأخر اللا مبرر في حلها ستكون نتائجه كارثية.
فمسكنات تشكيل لجان تحقيق وتقصٍ لم تعد تأتي بنتيجة، كما لم تعد تفعل محاولات الهروب من الواقع بتحميل فصيل واحد مسؤولية تدهور الوضع، وهو في الأساس جزء من منظومة مشتركة لسلطة كانت وماتزال، فذلك ما هو إلا تمييع للحدث العظيم والأمر الجلل وتهرب من المسؤولية وابتعاد عن الواقع الثوري يقابله اقتراب وبشكل مؤسف مع غايات الثورة المضادة التي تدور رحاها بسرعة اليوم لا تمكننا أحياناً من استيعاب الواقع المتسارع بتروٍ ووعي.
ولعل أكثر ما يبعث في النفس للقلق والخوف هو سكوت القوى السياسية تجاه ما يجري ويحدث هناك، وأقصد هنا المسؤولية الوطنية والأخلاقية التي أصبحت تتطلب منهم المجيء بما هو أكبر وأكثر من مجرد بيانات إدانة واستنكار؛ إذ إن الشرارة التي اشتعلت خلال الأيام الماضية إن لم يتم استدراكها ستكبر وتحرق في طريقها كل شيء، فالوقت اليوم لم يسمح لهم بالمراهقة والمناكفات الحزبية.
إن الاعتراف بالقضية الجنوبية وحده لا يكفي؛ فالأمر الآن يتطلب الكثير عدا ذاك الاعتراف، ولعل أبرزها الآن الإسراع في رد مظالم الجنوبيين وأراضيهم وحقوقهم المنهوبة في حرب 94 الملعونة، بعيداً عن استعراض القوى والركون للحسم بشعار «الوحدة أو الموت»؛ لأن الموت وللأسف هذه المرة سيكون نهاية كل شيء وسيد الموقف.
نعم هذه ليست الوحدة التي أردناها، لكن الانفصال أيضاً ليس الحل الأنسب والأمثل، وليس حال السودان وجنوبه عنا ببعيد!! فالحزم اليوم والضرب بيد القانون فوق الجميع على يد كل من يحاولون تمزيق اليمن والعبث بأمنه و استقراره أصبح حاجة ملحة وضرورية لتجنب السقوط نحو هاوية التشرذم وتشعب الأهواء والمطامع، وإلا فإن أجيالاً قادمة لن تذكر لنا ثورة فبراير إلا بمرارة ومعاناة الانفصال والمشاريع الأخرى الضيقة التي ستعيدنا إلى الوراء لآلاف السنين الضوئية، وحينها سيقولون: ليتهم ما ثاروا.
أخيراً أختم بكلمات استثنائية للوالد هائل سلام والد الشهيد نزار سلام وفيها يقول: «لا يمكن للمرء أن يحيا بعقيدتين متناقضتين، في حياة واحدة، وبنفس الحماس. فلا يمكنك كمثال أن تكون بطلاً في الوحدة وبطلاً في الانفصال. و لا يمكنك أن تدخل التاريخ مرتين، بسببين متعارضين. فإذا ما دخلته بالوحدة فلا يمكنك بالانفصال إلا الخروج منه».

الحجر الصحفي في زمن الحوثي