أمريكا والملف اليمني

كتب
الاثنين ، ٢٥ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٥٦ مساءً

 

بدأت العلاقة الفعلية بين الولايات المتحدة واليمن منذ الانقلاب الشهير على النظام الإمامي في شمال اليمن عام 1962م، لكن الاتحاد السوفيتي كان حاضراً في شمال اليمن قبل ذلك. غير أن الولايات المتحدة وبفتوَّتها النابعة من نتائج الحرب العالمية الثانية لم تستثنِ اليمن من قائمة أولوياتها، وكانت “النقطة الرابعة” الشهيرة خير تعبير عن قدرتها على الحضور الواعي من خلال حفنة من البراغماتيين القبائليين النفعيين. تعاملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع هؤلاء جميعاً لتشهد العلاقة بينها وشمال اليمن على عهد “الجمهورية العربية اليمنية” ملفاً مفتوحاً لثلاثة عقود، وبالمقابل انغلق الملف مع جنوب اليمن على عهد “جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية” بقيادة الرئيس المغدور سالم ربيع علي، ولمدة ثلاثة عقود موازية. 

لهذا السبب كان الترجيح الأمريكي لكفة الشمال على الجنوب نابعاً من هذه الحقيقة التي صرح بها أكثر من خبير استراتيجي أمريكي ومنهم على سبيل المثال لا الحصر جريجوري جاوس، وجورج ماهوني. 

معروف أن اليمن الجنوبي ذهب بعيداً في تجربته اليسارية الخاصة، وتحالفه الوثيق مع الاتحاد السوفيتي، وتوفُّره على مؤسسة عسكرية ضاربة ذات منشأ سوفييتي، وعقيدة عسكرية موازية لذلك. وكانت هذه الحقيقة بمثابة المُعادل الآخر لتوق البيت الأبيض للتخلُّص من تلك العقيدة والترسانة الجنوبية معاً، الأمر الذي ظهر جلياً قبيل أزمة “الشطرين المُتَّحدين”، وتحديداً في عام 1993م. يومها وقفت الولايات المتحدة إلى جانب الشمال، بالرغم من غضبها الضمني من أكروباتيات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي مال لكفة صدام حسين قبيل حرب عاصفة الصحراء.. لكنه تميَّز وكعادته بمرونة براغماتية أقرب إلى تصرُّف الدهريين العدميين، فقد تخلَّى ببساطة باردة عن صدام، وظلًّ يقدم كامل فروض الولاء والطاعة للبيت الأبيض، الأمر الذي أظهره بصورة أكثر تمهرجاً وتهتُّكاً بعد أحداث سبتمبر الملغومة بالأسرار والإعتام، فقد بادر صالح لزيارة واشنطن متنمطقاً زي الأسلاف اليمانيين التقليدي، وكأنه يقول للرئيس جورج بوش الإبن : نحن الوجه المقابل للكاوبوي .. نُعلن تحالفنا غير المشروط معكم على درب محاربة الارهاب، بوصفنا شركاء في هذه الحرب العالمية المقدسة ضد الأشرار الإسلاميين، وللحديث صلة. 

 

 [email protected] 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي