تعز، مدينة على تل، لا يخبو نورها أبدا

كتب
الاربعاء ، ١٣ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٧:١٣ مساءً

 

 

سقط حوالي 28 ألف جريح في هذه الثورة. حوالي 1400 شهيداً. 10% من الشهداء من الأطفال والنساء.

في 11 فبراير أعلن مبارك تنحيه. في نفس الليلة خرج آلاف الشباب في تعز يحملون شعار: الشعب يريد إسقاط النظام.

احتفلوا، هتفوا حتى فجر الـ 12 من فبراير.

في صباح الـ 12 من فبراير كنتُ قادماً من وادي الضباب. كانت ليلة رائعة قضيتها مع الأهل، أودعهم قبل سفري إلى ألمانيا.

الثامنة صباحاً كنت أتمشى في شارع جمال، تعز.

عشرات الأوراق مرمية على الأرض. لأول مرّة أقرأ جملة: الشعب يريد إسقاط النظام. لم تكن لدي فكرة عن ما الذي حدث في الليلة الماضية. التقطت ورقة. سألت صاحب عربية خضرة:

مين اللي كتب هذي الأوراق ورماها؟

رد علي بفخر:

الشباب، أمس طول الليل للفجر وهم يتظاهروا في الشوارع، الشعب يريد إسقاط النظام.

بعد دقائق وصل واحد من أقربائي. قال لي:

كنت راكب موتور، قال لي سواق الموتور:

أمس الليل دقينا عارها مظاهرة للصبح، الشعب يريد إسقاط النظام، هزينا الدنيا.

بعد أيام تسللت الثورة إلى بقية المحافظات. في أول جمعة ثورية حقيقية في تعز، قبل أن تعرف اليمن جمع الثورة أو خيامها، خرج عشرات الآلاف. صديقي فؤاد مهيوب، وصديقي هشام السامعي كانا في الجمعة. كنت أهاتفهم من صنعاء. فؤاد مهيوب أرسل لي رسالة جوال فيها بعض نصوص التظاهرة:

يا علي بسك بسك، من تعز يسقط عرشك، قررنا نسقط عرشك. فتح سماعة الموبايل لأتمكن من سماع الهتافات. كنت فخوراً، وكنت أكيداً أننا انتصرنا، رغم كل التفاصيل التي ستحدث لنصف قرن بعد ذلك.

فرودت الرسالة لعشرات الصحفيين والكتاب. كانت بالنسبة لي جملة كبيرة ستغير تاريخ اليمن. لم يتفاعلوا معها. اعتبروها جملة شبيهة بمانشيتات الصحف الصفراء. لكنها لم تكن كذلك.

تلك الليلة التي خرج فيها شباب تعز مع قرار تنحي مبارك، واستهدفوا فيها رأس النظام مباشرة

بجملة واضحة، دقيقة، لا تقبل التفاوض ولا التأويل

كانت هي اليوم المجيد، الليلة المجيدة.

استحقت تعز بسببها، وما بعدها، في تقديري، 

وصفاً إنجيلياً بديعاً:

"مدينة على تل، لا يخبو نورها أبدا" .

يعيش 11 فبراير.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي