تجربتي مع التجمع اليمني للاصلاح

كتب
الاربعاء ، ١٣ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٢٨ صباحاً

 

تجربتي مع التجمع اليمني للاصلاح ,, لستُ إصلاحياً..

بداية لابد من الإشارة الى اني في مقالي هذا لست بصدد تقييم حزب التجمع اليمني للاصلاح، فهو الحزب الاكبر في الساحة ولايحتاج الى تقييمي او تقييم غيري، ولا أقصد الانتقاص منه او من اعضائه الافاضل "قيادةً وقواعد"، ولايعيب الشخص الانتماء الى اي حزب او تيار فكري او سياسي، وحتى أكون دقيقاً؛ فإن عضويتي في التجمع اليمني للاصلاح "شرفٌ لا أدعيه"، لكني سأصحح واقعة سياسية، وسأكشف حقيقة واقعة فقط، لأن موقفي الضبابي من هذا الحزب بسبب القواسم المشتركة معه، وتصنيف الناس لي على اني من أعضائه المنظّمين في أُطره ودوائره التنظيمية، أفقدني كإعلامي وناشر ورئيس تحرير صحيفة مستقلة أشياء كثيرة، وأوقعني في مواقف لاأحسد عليها أبداً..

 

بالمقابل.. قيادات هذا الحزب التي تعلم يقينا بأني لستُ منهم، تنظيميا وسياسيا، يعمدون إلى إقصائي من أي قوائم تصادفهم؛ فضلا عن المغانم، ولهم الحق في ذلك؛ لأنهم يرون أن أي مغانم لابد ان تكون لأعضائهم المنظّمين معهم، ومافاض "ولايفيض عندهم شيء" يمكن أن يتم توزيعه للمتعاطفين معهم..!!

 

أعتقد ان القاسم الاكبر الذي يجمعني بحزب التجمع اليمني للاصلاح هي الصلاة!!!، "شيء مضحك لكنها الحقيقة"، كنت انكر دائماً على قيادات عليا وقواعد وسطية في المؤتمر الشعبي العام الذين كانوا يتهامسون بينهم البين عندما اقوم من المقيل لاداء صلاة المغرب مثلا، بأني اصلاحي لاني اقوم من بينهم وهم في الساعة السليمانية، "لابارك الله فيها من ساعة"؛ فأرد عليهم بأنهم بهكذا عقلية، يعطون هذا الحزب هالة دينية، وبالمقابل ينزعونها عن انفسهم وهم مسلمون بالفطرة.

 

هناك العديد من الزملاء والاصدقاء وحتى القيادات السياسية من تسألني دائما عن انتمائي السياسي؛ وعندما اقول لهم لست منتميا الى اي حزب، يتبرعون بتصنيفي حسب هواهم، ويصدقون انفسهم وينشرونها على انها معلومة حقيقية وهم من اخترعوها..

 

المهم انني مستقل ولم انظم في يوم من الايام الى اي حزب سياسي، واتجاهي العام هو اسلامي منفتح، ويعود هذا الى النشأة منذ الصغر، فقد حفظت القران الكريم صغيرا، وتربيت في المساجد وحلق الذكر ومدارس التحفيظ في المملكة العربية السعودية، وكنت اعيش في هذا الجو الايماني الرائع نظرا لقرب المسجد من البيت، ولأن الاستاذ كان يمنيا رحمه الله "اسمه ناصر الصغير"، وكان والدي رحمه الله يثق به وبالتالي لايقلق عليّ إن تأخرتُ مابين الصلوات..

 

عندما عدت في اغسطس 90م الى اليمن وعمري حينها 16 عاما، كنتُ مشحونا بخطب ومحاضرات الشيخ عبدالمجيد الزنداني التي كانت توزع علينا في المساجد وهي 9 اشرطة تقريبا كلها سلسلة متواصلة تحريضية ضد الحزب الاشتراكي اليمني "الكافر حينها"، اضافة الى شريط للشيخ اسامة بن لادن رحمه الله حول ذات الموضوع، ولازلتُ اذكر كلمته التي كان يرددها في الاشتراكيين "لانجوت ان نجوا مادام فيّ عرق ينبض"، وكانت هناك بعض الخبطات ضد القوميين والبعثيين والناصريين والحزبية بشكل عام لكنها خفيفة..

 

هذه الاشرطة مثلت لي منهجا دينيا بكيفية التعامل مع الوضع الجديد.. أنا الآن في صنعاء، وشتان بين صنعاء والطائف، لاسيما واني وصلت صنعاء يتيما بعد ان توفي والدي أواخر 1988م رحمه الله، وأصبحتُ الكبير الذي يتعب كثيرا كي يرتاح الصغار، وكنت أعمل جاهدا كي لايحس إخواني باليُتم وفقدان الأب..

 

محاضرات الشيخ عبدالمجيد الزنداني، وتعليمات الشيخ ناصر رحمه الله، وكل ماكان يقال في الطائف والمملكة عموما عن الوحدة مع الاشتراكيين، وعن فسادهم وماسيعملونه في صنعاء، وماسينقلون من امراض وافكار كفرية، كلها تراكمات جعلتني أتحفز ضدهم، وأكره أي اشتراكي لله في الله، وكنتُ أحسب ان كرهي لهم تقربا لله، واحتسابا للاجر وابتغاء وجهه الكريم..!!

 

تلك الاشرطة والشحن المستمر قبل 22 مايو 90 بأشهر قليلة؛ وهي استراتيجية تبنتها المملكة العربية السعودية التي لم تكن موافقة على الوحدة وبالتالي جندت آلتها الاعلامية وإمكانياتها في كل المجالات لتشويه تلك الوحدة وتشكيل رأي عام رافض لها، وربما عملت ماهو أبعد من ذلك في إطار المواقف السياسية المتاحة والمشروعة خدمة لسياستها الخاصة وحفاظها على موقعها في المنطقة..

 

هذه الحملة المكثفة التي تعرضتُ لها كغيري من اليمنيين قبل الوحدة في المملكة؛ عملت لي نوع من الوقاية والحائل بيني وبين الحزب الاشتراكي اليمني وتوابعه من العلمانيين "البعث والناصري"، وبالتالي لم أفكر في الاقتراب من هذه الاحزاب؛ فضلا عن الانتماء الى أحدهم، وكنت "تبعاً للتنشئة" انجذب الى شباب المساجد الذين اختلطتُ بهم كثيرا، ودرّستُ في بعض مراكزهم، وكنا نخرج في رحلات شبابية الى تعز وعدن والحديدة..

 

بل كنت نشيطا في المجال الدعوي الذي كان يتصدر له شباب الاصلاح آنذاك، في الوقت الذي كان السلفيين محصورين في مساجد محددة وقليلة، وكنت حينها "مطلع التسعينيات" إماما وخطيباً لجامع باب القاع بصنعاء لفترة ليست بالقصيرة، وجاء بعدي الاخ العزيز البرلماني فؤاد دحابة، وكنت أخطب وأقيم دروسا ومحاضرات في بعض المساجد، وأميت الناس في صلاة التراوح لعدة سنوات في جامع الاسطى، وكل هذا ساهم في انتشار الإشاعة التي تقول بأني "إصلاحي"..

 

أتذكر اننا قمنا برحلة شبابية الى عدن مطلع العام 91 وكانت البلاد لاتزال شبه مقسمة "صنعاء مؤتمر وإصلاح وعدن اشتراكية"، وكنا مجموعة شباب "جلهم اصلاحيين" وعندما وصلنا الى مدخل عدن وكنا نحس بأنها قلعة اشتراكية محصنة، وصعد الجنود الى الباص للتفتيش فأنشدنا بصوت جماعي اكثر من 30 شابا:

 

ياشباب ياشباب حان وقت الصراب.. نصرب الشوعية

 

صاح صوت الغراب من جنوب البلاد.. من قدا روسية

 

فاستفز الجنود وقاموا بإنزالنا وتأخيرنا في النقطة العسكرية لاكثر من ساعة بحجة التفتيش والتحقيق: أين سنذهب ولماذا جئنا، الى غيرها من الاسئلة التي كان الهدف منها استفزازيا وانتقاما لكرامتهم التي احسوا أنها جرحت بذاك الزامل او النشيد..

 

- عرض عليّ اصدقائي الانضمام الى حزب الاصلاح الذي كان ولايزال هو الاقرب الى فكري وتوجهي "كتوجه إسلامي عام" رغم مآخذي الكثيرة على قياداته وممارساتهم السياسية، لاسيما عندما يكونوا في الحكم، سواءً فترة 94-97م، او بعد ثورة الشباب السلمية 11 فبراير، حيث تتميز ممارساتهم عن غيرهم بالكثير من الحدة في ممارسة الاقصاء والتهميش ضد غيرهم، وممارسة المغالبة لا المشاركة، وصولا الى التكويش على كل شيء..!!

 

اشعر اني اطلت كثيرا في مقالي رغم انه امر خاص، لكني بالفعل تعبت كثيرا من تحديد هويتي المؤطرة لدى قيادات سياسية كبيرة من ضمنها الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قال لي أواخر عام 2006م بأنه يعرف اني إصلاحي، وحينها دافع عني المرحوم بإذن الله تعالى عبدالعزيز عبدالغني حينما قال انني لست اصلاحيا بل اميل اليهم بفعل الدراسة في السعودية، وحينها استغربت كثيرا؛ وكنت اتحين الفرصة لأسأله رحمه الله عن مصدر معلوماته لكن توفي قبل ان أسأله..

 

رغم اني لم أنظم رسميا إلى حزب الاصلاح إلا اني احتكيت بقياداته العليا وكنت اتردد على مقره الرئيسي الذي كان في شارع الرقاص بجوار بناية الانسي، وتربطني علاقة جيدة بالعديد من قياداته "العلمائية" كالشيخ عبدالمجيد الزنداني والاساتذة الافاضل حمود هاشم الذارحي وعبدالرحمن العماد وعبدالوهاب الآنسي وعبدالله صعتر واحمد القميري ومحمد علاو وامين علي امين واعضاء البرلمان "الاصلاحيين" جلهم اساتذتي واصدقائي وغيرهم الكثير ممن اكن لهم كل التقدير والاحترام، وتختلط لديّ المشاعر عندما أجد على احدهم ممارسة سياسية تتنافى او تتعارض مع الهالة الدينية المرسومة له في ذهني وقلبي..

 

بالمقابل لااعرف العقيد محمد اليدومي لامن قريب ولا من بعيد، ولم اره في حياتي وجها لوجه الا عندما جاء بان كيمون قبل عدة اشهر الى دار الرئاسة ووجدته هناك يريد ان يركب الباص الذي يدخل الضيوف من البوابة الخارجية الى القاعة..!!

 

اخيرا يجب ان يُعلم اني كنت ولازلت أتحمل غرم "انتمائي القسري" للتجمع اليمني للاصلاح منذ العام 90 وحتى اليوم، بدءاً بالانتخابات البرلمانية التي كنتُ فيها حامي حمى الاصلاح في البلاد "الاخمور بالمواسط - تعز" رغم اني لست منهم "تنظيميا" لكني كنت ارى ان مرشحهم هو الاصلح والانفع للبلاد والعباد، وكانت قيادة الإصلاح ومرشحهم يزوروني الى بيتي على اني منهم، ولم احاول ان اتنصل او انكر هذا!!، رغم اني اعيش في منطقة كلها "مؤتمر"، ولديهم عُقدة "لم أتفهم سببها" من الاصلاح!!، ومع ذلك تصديتُ للامر في انتخابات 93، 97، 2003م، ويشهد بذلك قيادات الاصلاح في الحجرية وتعز، ومرشحوهم في الدائرة 67، وانتهاءً بالمواقف التي تؤخذ من صحيفة ايلاف من قبل السياسيين "بعضهم اصبح خادما لهم اليوم او موظفا معهم" بسبب اني "اصلاحي"!!، وخسارتي الكثير من العلاقات والاشتراكات السنوية والاعلانات التي تعد المورد الاول لبقاء الصحيفة واستمراريتها بسبب اني "إصلاحي"!!، والعجيب اني لم ألمس غنمهم في يوم من الايام..

 

* عجيبٌ امر هذا الحزب.. يُحملك أغرام تئن منها ومع ذلك "الدم يحب خناقه"..

 

على قيادة التجمع اليمني للاصلاح ان تعمل مراجعات جادة في قياداتها المعتقة، وتعمل على تشبيب الحزب وفيهم كوادر وسطية رائعة لو تم تمكينها لقيادة الحزب لقفزت به قفزات تنموية وسياسية ملحوظة، ولاصبح مثالا يحتذى به في الاحزاب الاسلامية على مستوى المنطقة، كما يجب تفعيل دور الرقابة الشرعية على الممارسات التي يقوم بها المنتمون للحزب لاسيما القيادات، وعدم الفصل بين العمل السياسي والالتزام الديني في الممارسات الشخصية لهم..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي