بين باسندوة والوجيه وحاشد؟

كتب
الجمعة ، ٠٨ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٠٦ صباحاً

بقلم: منصور السروري -

يوم الخميس 3 فبراير 2011م أرسلت المعارضة اليمنية (اللقاء المشترك) رسالة إنذار قوية إلى صالح وحزبه وأركان دولته عبر ذلك الحشد الجماهيري الذي احتشد أمام بوابة جامعة صنعاء التي لم تكد تمضي بعدها (17) يوماً فقط وإلا قد صار اسمها ساحة التغيير في ذلك اليوم اصطف أمناء عموم أحزاب المشترك يتوسطهم "باسندوة" رافعين أياديهم المتماسكة إلى أعلى كإيحاء بالتحدي لصالح, وفي هذا اليوم في حين كانت جميع الخطب الملقاة على أكثر من نصف مليون يلقون إليها السمع- شديدة الحذر في انتقاء الكلمات المبطنة بالخوف من المستقبل كان بالمقابل أحمد سيف حاشد وعشرات من الشباب يحسمون كل الخيارات بخيار واحد عنوانه "الشعب يريد إسقاط النظام" شعار ارتفع جوار منصة الخطباء حتى وصل مسامعهم ليرد عليها "محمد الصبري" مختتما خطبته بجملة من كلمتين "الرسالة وصلت" وفي هذا اليوم الذي أطلق عليه بـ "الهبة الشعبية" أيضاً دشنت عدد من عواصم المحافظات مهرجانات حاشدة في كل من تعز, وعدن, وحضرموت, وإب, والحديدة, وكان صفة تلك المهرجانات أن الشباب هم أبرز من حضرها, ومن ثم أشعل شرار الثورة في 11 فبراير بتعز لتعم كل أرجاء اليمن.

يوم الأحد 3 فبراير 2013م يكون قد مر عامان على تلك الهبة التي لم يكن لها من هدف سوى الاستعراض الجماهيري للضغط على (صالح) وحزبه للعودة إلى طاولة الحوار, وامتصاص الغليان الشعبي المتأثر حينها بثورتي تونس الناجزة, ومصر التي كانت في طريقها لإسقاط مبارك.

بعد عامان هاهم بعض أولئك الذين كانوا يهتفون مع أحمد سيف حاشد بذلك الشعار يرقدون ما يقارب الأسبوع جوار مجلس الوزراء الذي كان مجور رئيسه, واليوم باسندوة, يرقدون تحت صقيع البرد القارس.. مضربون عن الطعام من أجل أن ينفذ حكم المحكمة القاضي بعلاجهم على نفقة الحكومة.

في 3 فبراير 2011م كان صخر الوجيه يرأس كتلة "برلمانيون ضد الفساد" ويهز صوته جنبات قاعة البرلمان بفساد الحكومة, ونهب ثروات النفط, ونفقات وزارة المالية غير المشروعة.

في 3 فبراير 2013م كان صخر الوجيه أصبح وزيراً للمالية, ويتعمد التناسي أنه لولا فضل ثورة الشهداء والجرحى الراقدين جوار جدار سور مجلس الوزراء ما كان ليضيف إلى جوار اسمه اسم "وزير المالية" ما بقي (صالح) وحزبه منفرين بالحكم.

 قبل 3 فبراير 2011م كان صخر يستنكر صرف الأموال خارج نطاق تبويبات الموازنة العامة للدولة.

قبل 3 فبراير 2013م صار صخر لا يستنكر المبلغ الذي صرف لشئون القبائل لجامعة الإيمان, ولمؤسسة وفاء- إحدى الجمعيات التابعة لحزب الإصلاح بطريقة غير مباشرة قبل أن تستكمل الترخيص لمزاولة نشاطها, ولا يرى في مسكله هذا فساداً حتى عندما صدر حكماً قضائياً بعلاج (11) جريح ثوري أصر وعاند واستكبر على إلا يستلم الجرحى تكاليف العلاج إلا عبر مؤسسة وفاء.

في 3 فبراير 2011م كان باسندوة خارج نطاق الخدمة منذ أن (كنسله صالح) بعد 1994م.

في 3 فبراير 2013م سبحان من أحياء العظام وهي رميم حتى الدموع التي كان يكبها خلال عام 2012 نزفت من عيونه, وليت باسندوة كان ادخرها لأولئك الذين يفترسهم البرد جوار مجلسة منذ أسبوع, الجوع ينخر بطونهم, والعطش يشتعل سائر عروق أبدانهم, لربما كان رطب بتلك الدموع لهيب ظمأ الجرحى.

في 3 فبراير 2011م كان باسندوة والوجيه ومئات من الذين صاروا اليوم يرفلون بنعيم التوافق الوطني كانوا كما كانوا لكنهم بحلول 3 فبراير 2013م صاروا على غير ما كانوا بفضل دماء الشهداء, وعاهات الجرحى.

وحده في 3 فبراير 2011م, 2013 النائب البرلماني القاضي أحمد سيف حاشد لم يتغير ولم يتبدل, لا يبحث عن جائزة, ولا ينسق مع منظمات دولية ليستعرض معها انجازاته لحقوق المضطهدين سواء قبل 3 فبراير 2011 أم 2013 ولا يبحث عن جاه, أو منصب, ولا يتسول من الرياض أو من إيران كما يحلو- للذين عجزوا على أن يكونوا مثله استثنائية أو رمزية نادرة- أن يروجوا الإشاعات المغرضة عليهم ينجحون في تسويد صفحته البيضاء.

وهيهات هيهات أن يكونوا مجاهدين في سبيل المظلومين كأحمد سيف حاشد.

أيها العلماء والدعاة, أيها المتشدقين بالتقوى والرحمة والسيادة.. أيها السياسيين, والحقوقيين.. هل أضربتم يوماً عن الطعام من أجل حق مسلوب لجماعة أو أفراد؟

ماذا سيستفيد (حاشد) من الإضراب أسبوعا كاملاً وتعريض نفسه للموت؟

حذار أن تقولوا للمزايدة, أو المتاجرة أو البحث عن الشهرة؟!

حذار أن تقودكم الضنون والتقديرات التي قتلت الوليد بن المغيرة!

أما هذا الرجل كان يمكنه أن يحصل على المناصب قبل 3 فبراير 2011م, 2013 فمؤهلاته تمنحه مناصب عسكرية لكونه خريج الكلية الحربية ويحمل رتبت عقيد, ويصلح أن يكون نائباً عاماً لكونه علاوة على رتبته العسكرية يحمل مؤهل ليسانس شريعة وقانون وخريج المعهد العالي للقضاء, وعمل قاضياً, ويصلح أن يكون وزيراً للعدل أو رئيساً للسلطة القضائية, ومع ذلك لا يبحث حاشد عن أي مناصب لا يبحث سوى عن حقوق المسجونين خارج القانون, وعن حقوق مدنية مشروعة, وحقوق مواطنة الجعاشن, والحراك, وصعدة وصولا إلى حقوق الجرحى الذين يواصل إضرابه معهم لليوم السابع على التوالي.

ذلك هو الفرق بين حاشد من جهة, وبين صخر الوجيه, وباسندوة, والحزمي, وحميد الأحمر, وعلي محسن, من جهة ثانية .. حاشد دائما يتواجد حيث يصرخ المظلومين من أنات الظلم, وهؤلاء يتواجدون في الطرف الأخر حيث الظلم والفساد والإصرار على السيادة والديكتاتورية والعمالة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي