سقوط سياسي وأخلاقي مزر

كتب
الجمعة ، ٠٨ فبراير ٢٠١٣ الساعة ١٢:٣٨ صباحاً

بقلم / مراد القدسي

مساكين أبناء هذا الوطن ومسكين الوطن نفسه.. أناس يتدثرون بآلأمهم ويفترشون أنينهم ويأكلون ويشربون آمالهم, فيما الوطن في انتظار طالت ساعاته وأيامه وسنواته .. انتظار لصحوة أبنائه الذين خدعوا أنفسهم وظنوا أن اللحظة المنتظرة منذ زمن قد حان وصولها, ولكن الحقيقة التي لم يدركوها حتى اليوم أنهم ووطنهم لم يزالوا ينزفون ومازال العبث يجثم على أنفاسهم في كل لحظة,ودون سابق إنذار تأتيهم المأساة وتفجعهم مفردات الحاضر الراغبة في الهيمنة عليهم وعلى المستقبل.

مساكين أبناء الوطن اليمني الذين ما انفكوا يصوغون أحلامهم بجراحات تزداد عمقاً وتدهوراً كلما مرت الأيام, وبدت سوءات الآخر تبرز جلياً على شكل متناقضات عبثية ماتنتهي إلاَّ لتبدأ,وإن اعتذر بعض منهم إلاَّ أن الاعتذار ما هو إلاَّ إعلان حرب وتصفية لكل من سعى ويسعى لحياة كريمة وآمنة ومستقرة.

شباب الأمس الذين واجهوا أدوات القمع والجبروت وليس في خوالجهم وأعينهم غير الانتصار لإرادة المطحونين بالجوع والفقر والمرض.. شباب حالم خاضوا معركتهم بعقول السياسيين الذين ابتلي بهم هذا البلد ليفهموا السياسة أنها - مرادف ممارسة وسلوكاً- للانحطاط والانغماس بأقذر النجاسة, وهم بهذا المعنى وهذه الدلالة همهم كيف يدخلون بغنائم السلطة, وراحوا يخادعون ويتآمرون ويوقعون على مبادرة ويدركون أنها تتعارض مع ثورة الشباب كأزمة هم أطرافها غير عابئين بمن اجترحوا المآثر من الشباب بهدف تغيير الواقع اليمني, لكن الواقع بقي كما هو إن لم يصبح أسوأ مما كان, أما السياسيون فليس لهم من هم سوى السلطة وغنائمها, وما عدا أنفسهم فإلى الجحيم.. تناسوا من أوصلهم إلى ما هم فيه وباتوا لا يريدون أن يروا من يذكرهم بأن هناك ثورة وشباباً وشعباً , وأن هناك شهداء وأمهات ثكالى وأرامل ويتامى وهناك جرحى ما زالت جروحهم تنزف وأنينهم يتعالى فلا يجدون إلاَّ صمم أولئك الذين يريدون كسب الوقت القصير لتحقيق أكبر قدر من النهب والفساد الذي يشبع أطماعهم.

مشاهد وصرخات جرحى ثورة 11 فبراير لم تحرك ساكناً أو توقظ ضميرا لدى حكومة«الوفاق» كل هذا لم يستطع احتماله الشاعر الثائر الشاب منيف الزبيري الذي تحركت في دواخله اشتعالات الحسرة والألم وفقدان الأمل، ولم يكن أمامه من أجل إطفائها سوى إشعال جسده في ساحة مجلس الوزراء بصنعاء عله بهذا الاحتراق يشعل جذوة الثورة من جديد لتتواصل أهدافها وتبلغ غاياتها غير مبال أن على الشباب أن يستفيدوا من تجربتهم ويستفيقوا من غفلتهم وغفوتهم، وأن يكونوا على يقظة وأكثر تنظيما ومن أوساطهم تتخرج قيادة سياسية مشبعة بالقيم والمبادئ التي تلتقي مع طموحاتهم وأهدافهم.

الشاعر منيف خاطب شباب الثورة ولم يخاطب حكام اليوم والأمس ليقينه الثابت بأن دم الشهداء لن تذهب هدراً وأن الجرحى والمعاقين وأسر الشهداء عليهم أن لا يستجدوا الحق والعدل الذي أرادوه من التغيير وقدموا في سبيله التضحيات من الذين تعاطوا مع كل هذا بعقلية الإستثمار السياسي، بل الشعب من سينتزع حقهم في وطن جديد يتسع لكل أبنائه ودولة مدنية حديثة قادرة وعادلة في ظلها يستعيدون كرامتهم وحريتهم.

الحقيقة التي يجب على الجميع إدراكها ان التاريخ لم ولن يرحم الذين أداروا ظهورهم لآلام وعذابات الجرحى من شباب ثورة 11فبراير وتركوهم يعيشون المهانة والمعاناة يتوسلون العلاج أمام المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية اليمنية،بعد أن ضاقت بهم كافة السبل وسدت أمامهم كل الطرق وطالت معاناتهم وتضاعفت مأساة أسرهم الفقيرة بسبب التكاليف الطبية المرتفعة التي لا طاقة لهم بها، وبعد أن فارق كثير من زملائهم الحياة بسبب الإهمال متأثرين بجراحاتهم .

أليس الأمر غير منطقي بل مريباً حين نجد حكومة (الوفاق) تتجاهل نداءاتهم المتكررة وتتنكر لتضحياتهم وكأنهم (من البدون) وليس هم الأدوات الحقيقية والصناع الفعليون للتغيير الذي حصل في اليمن ، وان تضحياتهم هي السبب المباشر الذي أوصل قادة اليوم إلى مناصبهم.

إلى هذا الحد صارت دماؤهم رخيصة بالنسبة للدولة التي نسميها جزافاً وغباءً بالدولة (الحديثة) ؛ فأية دولة تلك التي لاتعنيها من قريب أو بعيد صرخات أبنائها الذين أبوا إلا أن يواصلوا شموخهم رغم الرصاصات المعطبة في أجسادهم!!؟؟.

كفى يا حكومة (الوفاااااااااااااق) نفاقاً على هؤلاء الثوار الشرفاء ، وكفاك تخاذلاً بحرمان من جسدوا مضامين الحرية والعزة والكرامة في انصع صورها،كفاهم حرماناً من أبسط حقوقهم وهو الحصول على حقهم في العلاج..نقول كفي النظر لشباب الثورة بأنهم (من البدون) ويكفي إساءة في استعمال السلطة والانحراف بها إلى غير أهدافها.

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي