الربيع المقاوم

كتب
الخميس ، ٣١ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٢٠ صباحاً

بقلم أ .أحمد المقرمي

 

يهل علينا الربيع بأدواته السلمية حيث يندى الهواء، وتتكاثف السحب، ويسقط المطر، ويتنزل الغيث -رحمة الخالق- وتسيل السواقي، وتمرغ الغدران، وتزهر الأشجار، وتدودح الروابي، وتنتعش الحياة بالجمال وتمتلئ الزهور بالرحيق..

أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا

من الحُسن حتى كاد أن يتكلما

لكن سلطة الخريف ما تزال جاثمة متشبثة بكل أدوات الخراب، تريد أن تطيل عمرها المتداعى وتمساكها المنهار، تريد أن تسلبنا الربيع القادم وتحجبه عنا لتطيل زمن الخريف.. لقد أحالت ربيعنا خريفا وروته بؤسا.

خفت زقزقات العصافير، ونفرت الطيور من أوكارها، وغادرت الحمام أعشاشها، فثمة ما روعها وأخافها..

سلي من رَاعَ غِيدك بعد أُنسٍ

أبَينَ فؤادِهِ والصخر فَرقُ

إنه زحف المجنزرات في المكان الخطأ، إنها تجوب القرى الآمنة والمدن المسالمة، وبدل من أن تكتسي الروابي بالنباتات، وتدودح المروج وتتفتح الأزهار، فقد احتلتها المجنزرات.. لم تقف عقلية الخريف عند هذا الحد وإنما قادت إلى المخافر والمعتقلات العديد من الشباب والفتيان، لأنهم انتفضوا في وجه خريف يريد أن يمتد في حياتهم، ولمواجهة بؤس يحول دون تحقيق أحلامهم.

لم يأت الربيع بعد -لكنه سيأتي- وإنما تمدد الخريف على حسابه، فلما نهض الشباب يهتفون للربيع، للحياة، للجمال، للبناء، للتغيير اشتد الهلع والذعر لدى أنصار الخريف، فمضوا يعسكرون الروابي الخضر وطرق السواقي والجداول ويحيلونها صعيدا زلقا أو عصفا مأكولا.

الفنان المبدع فهد القرني أو فنان النضال السلمي طالته يد الخريف فاختطفته مع تباشير الصباح يوم الأربعاء الماضي.

لقد ضاع الخريف بالجمال وضاق ذرعا بالإبداع فأودع العشرات السجون في عدن ولحج والضالع والحديدة وفي تعز، لن تستطيع سجون الخريف ومعتقلات الاستبداد أن تستوعب كل أحرار اليمن وكل المبدعين، فحين يقدم الربيع يغمر الأرض ولا تستطيع قوى الأرض وقوى الخريف والشتاء معا أن تمنع مجيئه.

حتما سيبزغ الفجر الصادق -بإذن الله- فيزيل الظلمة، وسيأتي الربيع باسما وسيتحول في كل الربوع يختال ضاحكا ليهتف ويشدو للحق والعدل والحرية، وسيعيد الربيع المجنزرات إلى ثكناتها ولن ينشرها إلا في المكان الصحيح في مواجهة أعداء الأمة، وليس في المكان الخطأ في وجه أبناء الوطن.. وسيهتف الشعب كله للمواطنة المتساوية والعدالة والحرية والإبداع.

فمتى يأتي الربيع؟!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي