«لا مغترب سالي ولا جالس مستريح»

كتب
الخميس ، ٣١ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٤:١٣ صباحاً

 

بقلم / عبدالفتاح حيدرة

اليمني ملاحق بـ«الدبور» حتى في غربته، فهو بحث عن مجلس تنسيق للجاليات اليمنية، وعندما وجده، كان يرأسه شيخ يرتدي غترةً وعقالاً!

أنا مغترب وأعمل في بلد يديرها بنجاح شيوخ بغتر وعقالات، لكن عندي حساسية من أي مسؤول يمني يسبق اسمه لقب الشيخ، قلت هذا الكلام الأسبوع الماضي لوزير المغتربين مجاهد القهالي في دبي، وأضفت: إنني أشعر بالقلق من الطريقة التي تم فيها ما يسمى تشكيل «المجلس الأعلى للمغتربين»، ومن طريقة اختيار الشخص الذي يجلس إلى جواره رئيساً له، وهو رد بأن المهم هو المجلس، وليس الأشخاص الذين يمثلونه، وهذا جواب مربك وغير واضح. وعندما بحثت عن المجلس وجدت أنه تم تشكيله في صنعاء خلال الأسابيع الماضية وجرت فيه انتخابات لا أدري من شارك فيها.

لا أعرف رئيس المجلس ولم يسبق لي الالتقاء به، أو نائبه الذي يرتدي الغترة والعقال هو الآخر، ويتحدث باسم اليمنيين في الخارج، أنا لا أعرفهما، وقد يكونان جيدين، غير أني أشعر بالتوجس من شخص يجلس إلى جوار الوزير ويبالغ في مديحه وفي معصمه ساعة مصنوعة من الذهب.

لم يسبق لي الكتابة عن المغترب اليمني، وأظنه ليس محتاجاً لذلك، هو يجرب طريقته في الحياة وربما يكون مستمتعاً، أو يعاني من متاعب الغربة، غير أنه أفضل حالاً من ملايين غيره يعيشون في أرض الوطن الأم يكافحون من أجل إنقاذ آمالهم بالحياة الجيدة ذات الفرص الواعدة.

أقول دائماً إن أفضل شيء يمكن أن تقدمه الحكومة للمغترب هو الأخبار السارة، تلك الأخبار التي تتحدث عن الحكومة الجيدة، وبأن البلد يتعافى، وأن شيئاً من هذا الذي يلمسه المغترب في معظم البلاد التي يسافر إليها قد يكون ممكناً في بلده التي لا يملك تجاهها إلا الحنين و«التنهاد».

المناسبة التي جمعتنا بالوزير القهالي كانت تكريم الدكتورة اليمنية مناهل ثابت، العالمة العبقرية في المعادلات الرياضية، وكان الصديق السفير محمد القطيش قد كرمها باسم القنصلية اليمنية في دبي قبل أسابيع قريبة. ووعد القهالي بأن يتم تكريمها في بلدها، وتحمس الجميع لمقترح عودتها لصنعاء لخدمة بلدها، وكان رأيي أن يتركوها في شأنها وحسب، وتقديري أنها لو عادت إلى صنعاء فإنها لن تساعد بلدها كما تساعده الآن، وهي كغيرها لو بقيت في اليمن لما سمع بها أحد حتى اليوم، وكانت اليوم ربما تناضل في أروقة الروتين الحكومي من أجل درجة وظيفية في كلية التربية بأرحب.

ربما يكون اليمنيون في دول الخليج وبالذات السعودية أكثر معاناة من غيرهم في الدول الأخرى، وجزء من مشكلتهم ينبع من كونهم يمنيين، بلدهم غير مستقر، ووثائق سفرهم غير دقيقة، ويتم تزويرها باستمرار، وكانت الحكومة الإماراتية قدمت دعماً مالياً بنحو 45 مليون دولار لإصلاح نظام البطاقات وقاعدة البيانات، لكن المبلغ تبخر واختفى عند الحكومة اليمنية قبل سنوات. وبحسب الوزير القهالي فإنه التقى وزير الداخلية الإماراتي وقال له: «سألتك بالله ليش تعقّدوا إجراءات دخول اليمنيين؟»، ورد الوزير بما كان قاله لمن سبقه، بأن لديهم قلقاً من عدم دقة وثائق السفر اليمنية، وانتهى اللقاء إلى إعادة مشروع دعم قاعدة البيانات اليمنية وتحسين الجودة والدقة في قاعدة البيانات ومصلحة الجوازات اليمنية.

تلك مشكلة، لكن أغلب مشكلات المغترب اليمني تأتيه من بلده الأم وليس من مكان اغترابه، وفي بعض البلدان تتحول الجنسية اليمنية إلى تهمة، وعندما تسأل عن جهود الحكومة اليمنية لحل مشكلات المغترب اليمني ستجد الوزارات المعنية بالأمر مشغولة بتنازع الصلاحيات فيما بينها، أقصد وزارات المغتربين والخارجية والعمل والداخلية أيضاً.

هذا غيض من فيض، وتكفي رواية قصة واحدة من عذابات اليمني في الجارة السعودية ليعرف القارئ أن النحس يقيم مع اليمني ويسافر معه، ولذلك فإن أغلب الهياكل الإدارية للجاليات اليمنية يتم تشكيلها بـ«الطريقة اليمنية»، وبالتالي فإن حل مشكلات المغتربين قد لا يكون أهم اهتماماتها.

أختم بما قاله نائب رئيس المجلس الأعلى، فهو وصف المجلس بأنه «خط الدفاع الأول عن حقوق المغتربين»، وهذه الجملة ذكرتني بالحظ السيئ لمن تم الدفاع عنهم في مراحل تاريخية سابقة رفع فيها شعار «خط الدفاع الأول»، مع ذلك سوف أرجو الله أن يكتب التوفيق لأي مجلس أو جهة تعمل بإخلاص وتسعى للنجاح من أجل المواطن اليمني أينما كان.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي