الأسد أقوى رجل في العالم

كتب
الخميس ، ١٧ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٢٦ صباحاً

بقلم: محمد كريشان -

موتوا جميعا بغيظكم... أنا الأسد الذي لا يقهره أحد، ولولا بقية حرص على تجنب الرمي بالكفر لقلت: ولم يكن له كفؤا أحد.

أنا لست جبانا كابن علي حتى أهرب، ولا معتوها كمبارك كي أتنحى، ولا أرعن كالقذافي حتى أفشل في التواري عن الأنظار، ولا رخوا كصالح حتى يضحك علي الخليجيون بمبادرة تخرجني من السلطة. أكثر من ذلك، أنا لست كحاكم صربيا سلوبودان ميلوسيفتش يموت كمدا وراء القضبان، ولا أنا كتشارلز تايلور رئيس ليبيريا يحكم عليه مؤخرا بخمسين عاما بتهمة الإبادة. لا..لا.. أنا من طينة أخرى مختلفة تماما، لا أعبأ بشيء ولا يخيفني شيء.

من مثلي يقف العالم كله عاجزا على فعل أي شيء حياله؟ صحيح أن معي روسيا والصين وإيران، ولكن العصابات الإرهابية التي تحاربني يقف معها كل من الولايات المتحدة وأوروبا ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وتنفق عليها بسخاء قطر والسعودية وتسهل تركيا دخولها البلاد. كل هؤلاء لا يحركون فيّ ساكنا، فالشعب شعبي وأنا حر فيه. وشعبي هذا مخير، على كل، بين أن يكون معي فيقتله الجيش الحر والجماعات التكفيرية التي تسللت إلى البلاد من كل أصقاع العالم، أو أن يكون ضدي فتتكفل بقتله طائرات الميغ ومدافع الدبابات والبراميل، التي سأطالب المجتمع الدولي بتسجيلها باسمي كملكية فكرية لا يتجرأ على منازعتي فيها أحد.

لا يهمني ما يسمى المجتمع الدولي، فإسرائيل ليست أحسن مني حتى تضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية ومع ذلك لا يقترب منها أحد، ولا تهمني أكثر من 50 دولة من أنحاء العالم، من بينها عدة دول أعضاء في مجلس الأمن طالبت رئاسة هذا المجلس بإحالة الملف السوري إلى النائب العام لدى محكمة الجنايات الدولية.

لا يهمني أوباما الذي بدا عاجزا وتائها أمام إصراري وتمسكي بنهج المقاومة ضد إسرائيل ورفض كل المشاريع الاستسلامية التي تريد فرض هيمنة أمريكية على المنطقة. صحيح أنني لم أحارب إلا الفلسطينيين واللبنانيين ولم أقصف بالطائرات والدبابات سوى مواطني الأعزاء في مختلف المدن السورية، ولكن هذا تفصيل غير ذي شأن طالما أن العالم ما زال فيه من الحمقى من يؤمن بأني نظام ممانع ومقاوم.

لم يستطع أوباما هذا ومن لف لفه من قادة أوروبا العجوز والمتآمرين العرب أن يهزوا قيد أنملة من تصميمي على البقاء، وكذلك هيئات المعارضة العميلة التي لم تفلح في شيء فلاحها في عقد المؤتمرات وإصدار البيانات.

ستون ألف قتيل في بلادي إلى حد الآن... وهل هذا رقم كبير أمام الذي قتله مثلا بول بوت في كمبوديا في أربع سنوات فقط من حكمه، أواسط سبعينات القرن الماضي وقد تجاوز المليونين... أو من سقطوا في رواندا وقد ناهزوا المليون في تسعينات القرن الماضي؟ علي التفوق على إسرائيل حتى في عدد من قتلتهم من السوريين ومن العرب جميعا في كل حروبها. ستون ألفا فقط !

إذن رجاء لا تهولوا ولا تشوهوا حتى إن تهدمت مدن بكاملها ونزح الملايين داخل البلاد ولجأ إلى خارجه مئات الآلاف يبيتون في العراء وسط هذا البرد الشديد. المهم انني وأسرتي ودائرتي الضيقة المخلصة نتمتع بالدفء ووافر الطعام، بحيث لا نضطر إلى التجمهر أمام المخابز فنقصف ونموت.

أنا رجل وطني صلب لا أنحني أمام مؤامرات الأعداء والخونة. يمكنني كذلك إلقاء خطب طويلة واثقة أمام عشاقي في الأوبرا فأقدم مقترحات تسوية كرما مني وعطفا، بل وألقي هذه الخطب وخلفيتي من فسيفساء تجمع على علم البلاد صور ضحايا سقطوا في المؤامرة الكونية على بلدي. للأمانة لم أسأل إن كان هؤلاء ممن قتلهم جيشي الباسل أو قتلتهم العصابات المسلحة.. لا يهم.. وهل هناك من سيدقق في ملامحهم ويسأل عن أسمائهم من يهتم؟!

لولا أنني لا أحب التشبه بالقذافي لقلت لكم وللعالم جميعا بصريح العبارة: طز!

القدس العربي

الحجر الصحفي في زمن الحوثي