قمة الرياض.. وطموحات 500 مليون عربي...!

كتب
الاربعاء ، ٢٣ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٠٨ صباحاً

بقلم: عبيد الحاج -

(1)
مع كثرة ما واجهنا كعرب - من المتاعب والصدمات.. ومع ما تواجهه أمتنا من أخطار وتحديات حقيقية.. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية بصورة دراماتيكية في أكثر من بلد عربي.. ومع انتصارات ثورات الربيع العربي التي أعادت بعض الأمل والثقة في النفوس والعقول.. ماذا ننتظر من قادة الأنظمة العربية في مؤتمر القمة الاقتصادية في الرياض..؟!
وقبل الإجابة على هذه التساؤلات، لابد من العودة إلى الخلفية التاريخية، التي أوصلت الشعوب العربية إلى هذه الأوضاع المريرة والمعقدة والمتردية في آن معاً..
لا أدري إن كان القادة والحكام والسياسيون العرب، يدركون - بعد انهيار الكتلة الشرقية وانتهاء الحرب الباردة - بأن الوطن العربي بقوته البشرية والمادية الهائلتين ومساحته وثرواته، هو أصلاً، العمق الاستراتيجي الباقي للمواجهة الحتمية مع قوى الهيمنة الكبرى المنفردة بزعامة العالم.. وأنه لأول مرة في هذا الوطن العربي الكبير تتركز أهداف القوى الطامعة إلى البسيط العربي السياسي والاقتصادي..؟!.
إن كانوا يعلمون أو لا يعلمون.. فإن هذه هي الحقيقة التاريخية التي تبلورت فيما بعد عملياً، تحت حجج ومبررات تعددت وتنوعت في مسمياتها، ولكنها واحدة في مغزاها وأهدافها..!
وربما يبرز سؤال في هذا السياق.. لماذا بالذات نحن العرب؟! والإجابة واضحة هي أن في منطقتنا ما يغري القوى الطامعة من ثروات ومواقع استراتيجية هامة لبسط نفوذها في بقية أجزاء العالم، والوصول بخناجرها إلى خاصرة بعض الدول المستقلة سياسياً واقتصادياً وإجبارها على الرضوخ لمتطلبات العولمة على الطريقة المتسقة مع موحيات الصهيونية العالمية..
غير أننا لا نغفل إسهام بعض الأنظمة العربية والحكام المستبدين المخلوعين في نجاح هذه القوى وتحقيق أهداف سياساتها في المنطقة.. مثلما هو إسهام تمزق العرب، وتشرذمهم، وعجزهم عن فعل أي شيء، حتى عن التزام موقف الحياد، ولا نقول النجدة الواجب تقديمها بالحد الأدنى لبعضهم البعض..!
إن بعض الحكام العرب المستبدين الذين اجتثتهم ثورات الربيع العربي، ما كان يهمهم ما يجري من عمل يستهدف كيان شعوبهم، بقدر اهتمامهم بالحفاظ على عروشهم وإطالة أمد بقائهم في سدة الحكم إلى أبد الآبدين..! كحال العرب تاريخياً، فساد واستبداد وتخلف وجهل وعدم احترام الشعوب وإراداتها في التغيير والبناء والنهوض..! وغاب العقل العربي تماماً وانشغل بالهوامش، والسطحيات والصراعات الثانوية، بينما القوى المتربصة تتحرك باتجاه أهدافها بخطى مدروسة وواثقة..! وهكذا دارت المؤامرات، ولم يفهم العرب أبعادها، والنتيجة أن غرق الجميع في أوحالها..! وإلى هذا الحد المؤسف هانت أرواح العرب عند بعضهم.. وهانت سيادة أقطارهم وشعوبهم ومستقبل أمتهم..! لقد هانت أقدار العرب؛ لأنهم لم يعرفوا حقيقة قدرهم، ومن هانت عليه نفسه.. هان أمره على غيره..! وبالنتيجة الراهنة كما قال أحد المفكرين العرب: «عندما تصل الأمور للحد الذي وصلنا إليه.. عندما يصبح الموت حياة والحياة أكثر مرارة من الموت، فماذا بقي من الخوف أو ممن نخاف من ردود فعلهم.. وهل ننتظر حتى يفرض علينا ذل العبودية في مملكة القوى الدولية الطامعة..؟!» والمفكر العربي نفسه يعترف «أن ثمة أصواتاً عربية تعلو مرحبة بالخنوع» لتلك القوى لكنه، يعتبرها ضعيفة خائفة أمام الصوت الحقيقي للأغلبية الصامتة، المنضوية على الإيمان بعزتها وكرامتها ودورها الحضاري.. ويؤمن بأن الشرارة تتقد في كل قلب عربي «إننا أمة محصنة ضد اليأس، وإلا لما تحملنا البقاء في حالة حرب استمرت قرابة عشرة قرون وماتزال مستمرة..!».
ولكن ماذا عن ضعف بعض الأنظمة العربية، وتخلفها عن ثوابتها وواجبات المسؤولية التاريخية تجاه شعوبها، وتكورها في زاوية مصالحها الضيقة، وكانت السبب في فشل الجامعة العربية التي أعلن عن وفاتها عند ولادتها، ولم تحمل للأسف طوال الـ(60) عاماً الماضية من العروبة إلا اسمها..؟!
عندما قامت الجامعة العربية في 10 مايو 1945م كانت بستة أعضاء فعلق أحد الحكام العرب حينها بقوله: «هذا الكبش يسير بستة رؤوس.. وكل واحد منها يدفع بالجسم إلى مصلحته وقضيته».. أما اليوم وقد تأكد فشل الجامعة العربية في الاضطلاع بدورها، بسبب عدم التزام بعض الأنظمة بمبادئ ونصوص وأهداف ميثاقها، منذ فعلة السادات عام 1979م بتوقيع الصلح الانفرادي مع إسرائيل، (كامب ديفيد) وتداعيات هذا المأزق التي قادت إلى نقل مقر الجامعة إلى تونس، بعد أحداث شرخ في (البيت العربي)، وحتى تجاوزات بعض الدول في قمة القاهرة في 11 (أغسطس) 1990م، واستمرار حالة التصدع وعدم الوفاق في العلاقات العربية - العربية.. فقد كانت الجامعة دائماً هي الضحية وحل بديلاً عن دورها اجتماعات دورية للقادة العرب..!
لذلك فإن انعقاد القمة الاقتصادية العربية في الوقت الحاضر، يجعل من (الكبش) بـ(22) رأساً، متنافرة متشرذمة، إذا ما ظل القادة العرب بعقلية النزوع إلى المصلحة الذاتية، وعقدة الزعامة، ومرض التحسس من طروحات بعضهم، ونحن في هذه الألفية، بينما البعض مشدود إلى الجحود والأنانية والضيق من تفتح الآخرين ونهجهم المعاصر في الحوار والتغيير والمكاشفة وامتلاك روح الشجاعة والشفافية في تناول القضايا الهامة لتفعيل العمل العربي المشترك..!
[email protected]
عن الجمهورية

الحجر الصحفي في زمن الحوثي