" الكفيل العازل " بين السعودية واليمن !!

كتب
الخميس ، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٣٣ صباحاً

بقلم: مصطفى راجح -
ابتلع العمال اليمنييون المغتربون في السعودية مرارة أخرى قبل أسابيع بزيادة أعباء نظام الكفيل حيث تم مضاعفة الإتاوات التي يدفعها العامل الواحد سنويا إلى ثمانية آلاف ريال سعودي.
كل هذا والحكومة اليمنية تتفرج ، أو أنها لا تعلم ومشغولة بمعارك باسندوه مع شباب الثورة .
توقعنا بعد الثورة الشعبية والموقف السعودي في المبادرة والمشاركة برعاية نقل السلطة ان تبادر المملكة الى الغاء الاجراءات الاستثنائية التي فرضت على العمالة اليمنية عقاباً لليمن على الموقف الارعن لنظام صالح من غزو الكويت ، غير ان الجيران فاجأوونا بمضاعفة اتاوات الكفيل !!
كنا ننتظر أن تتحرك السلطات اليمنية وتضع مطلب إلغاء هذا النظام العبودي على طاولة المباحثات مع المملكة ، وإذا بالحال يزداد ويتضاعف بالتطفيش المتصاعد للعمالة وهو نظام لا وجود له إلا في الشقيقة الكبرى.
لا أؤمن بالعداءات المطلقة والتكوينات الثابتة ، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالأشخاص والدول ، ولهذا اميل إلى تقييم العلاقات اليمنية السعودية وموقف الأسرة السعودية الحاكمة بناءاً على المعطيات الراهنة والواقع الملموس بعيداً عن الأحكام المطلقة من هنا أو من هناك
كما أن الاستراتيجيات تشيخ كما البشر الذين يرسمونها ، والواقع لا يثبت على حال ويقتضي تغيراً دائماً ، ومن لا يتغير يفقد صلته بالحياة وفاعليتها .
والأقرب إلى الواقع أن الاستراتيجية السعودية إزاء اليمن التي شكلت إطارا لسياسات المملكة وتوجهاتها بدايةً من ثلاثينات القرن الماضي قد وصلت إلى سقفها النهائي بتوقيع اتفاقية الحدود في نهاية القرن عام ???? دون أن يتمسك الطرف اليمني حتى بشرط الإمام حول أولوية العمالة اليمنية ووضعها الخاص ، لانها شاخت وشاخت معها وجوه عديدة في نخبتي الحكم وبعضها غادرت إلى بارئها ، ودخلت العلاقات في مرحلة انتقالية لم تفرز بعد شكلاً جديدا راسخاً يتجاوز أثقال الماضي وكوابحه .
نحاول أن تحشد الحجج والمنطق لنتجاوز الإرث العدائي ، ومن هذا المنوال نأخذ باعتبارنا وعود المانحين وموقف المملكة التي التزمت بنصف التعهدات التي خرج بها مؤتمرهم بالرياض ، غير أن الإمعان في إذلال العمالة اليمنية وتطفيشها وارهاقها باتاوات إضافية يبدد الصورة الجديدة.
هذه القسوة إزاء بشر تكبدوا عناء الغربة ومشقة الطريق الصعب للفوز بالفيزا إلى المملكة باعتبارها كرت نجاة من البطالة والحاجة وقلة اليد ، تعيدنا إلى البروتوكولات القديمة التي استوطنت طويلاً الرؤوس الجافة على الضفتين هنا وهناك ودفعنا ثمنها الفادح من حياتنا واستقرارنا ، وأهدرت فرص تعايشنا كشعب عربي واحد ومسلمين وأخوة وجيران .
هذه الروح العدائية أفزعتني وأنا أتصفح منتديات سعودية على النت ، وتحديداً كم التعليقات ونبرة العدائية الطافحة فيها إزاء اليمنيين ، وهي تعليقات على مقالة كتبها الأخ عبد اللطيف صيفان الأسبوع الماضي حول الزيادات المالية التي أضيفت مؤخراً بعنوان ؛ كرت احمر في وجه العمالة اليمنية بالمملكة ، اقل ماقيل في هذه التعليقات التي أتمنى أن لاتكون معبرة عن حالة عامة هناك ، اقل ما قيل يضع اليمني في مرتبة اقل من الحيوان ويستحق أكثر من ذلك ، والطرد من المملكة رحمة ، أما نظام الكفيل والمبالغ التي تدفع والإضافات التي ترفع فكرم وأخوة !!!
نريد أن نرى وجها جديداً للعلاقات اليمنية السعودية يعيش في اللحظة المعاصرة وتنضبط فيه علاقات التعاون والعمالة بمعايير كرامة الإنسان واحترم آدميته وحقوقه ، فالانتقاص من قدر الإنسان لا يشي سوى باتضاع وضحالة الشخصية التي يصدر عنها ، وخوائها القيمي والحضاري حتى وان تربعت على بحيرات نفطية وجبال من قراطيس البنكنوت !!
تحدثوا مع الجيران عن مواطنيكم يا كائنات السلطة الانتقالية ويا حكومة الوفاق ، لا تخجلوا من الشقيقة الكبرى فلربما احترموكم أكثر لو طرقتم أبوابهم بشان مواطنيكم ، وجنبتم بموقفكم المغتربين اليمنيين من أعباء شاقة ، ومنحتم المسؤولين هناك فرصة لمراجعة إجراءات مجحفة ولا إنسانية وغير لائقة بوجه المملكة الجديد في مؤتمر المانحين !

الحجر الصحفي في زمن الحوثي