معيار الاستقلالية السياسية

كتب
الخميس ، ١٣ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٠٣ صباحاً
بقلم/ بسمة عبدالفتاح 

 

من هو المستقل سياسياً ؟ هل هو الذي لا ينتمي إلى أي حزب سياسي ؟ هل هو الشخص المتأطر تحت حزب معين ولكنه مستقل فكرياً عنه ، بحيث إنه لا يلزم نفسه برؤية الحزب وتوجيهاته ، ويظل متمسكاً برؤيته الفكرية الخاصة بغض النظر عن موافقتها لرؤية الحزب أو العكس ؟ 

سؤال طُرح أمامي في إحدى ورشات العمل ، وكان السؤال التالي له : ما معيار الاستقلالية السياسية ؟ وكل هذا من أجل الحوار الوطني الذي يفترض أن يكون فيه مجموعة من الشباب المستقلين ، ومن النساء المستقلات سياسياً. 

أضحكتني إحدى المقترحات التي تقول : ماذا لو كتب الشخص الواصف نفسه بالمستقل التزاماً على نفسه بأنه غير منتمٍ إلى أي حزب سياسي، وألا ينتمي إلى أي حزب ولن يمثل أي حزب ؟؟ ذكرني المقترح بالمثل الذي يقول : ( قالوا للحرامي احلف قال الحرامي :جاك الفرج ). 

بعض الأحزاب لتدخل الحوار الوطني بأكبر عدد من أعضائها غيّرت وجهتها من متحزب إلى مستقل ، وبدأنا نرى أشخاصاً استقالوا من أحزابهم فجأة ، ولكن حاول أن تناقشهم عن الحزب الذي استقالوا منه وتستفزهم ببعض الموضوعات التي تخص الحزب ، ستجدهم يكشرون عن أنيابهم مدافعين عن ذاك الحزب بكل قوة ، وهم المستقيلون منه ، المتحررون من قيده، وبعضهم يأخذ راتبه من ولي نعمته الحزبي فلان بن علان وأنعمت عليه السماء بما لم يكن لديه قبل الثورة وأصبح يلبس ( ماركات ) ومازال اسمه مستقلاً ...(يا غارة الله )...كما أن هناك أشخاصاً متأطرين تحت أحزاب ، ويصفون أنفسهم بالمستقلين فكرياً عن أحزابهم ...لا مشكلة، صف نفسك بالمستقل ، لكن عندما يكون هناك حصة بسيطة في أي موضوع للمستقلين غير المنتمين للأحزاب تذكر أنك متأطر تحت حزب ، وأن حزبك له حصة، فلا تأخذ حصة غيرك وإلاَّ لا داعي لتتأطر تحت حزب ، لأن هذه مغالطة وليست استقلالية ، وإن كنت مصرّاً على رأيك فابحث عن تسمية جديدة، للمستقلين فكرياً عن أحزابهم وعرف الاستقلالية كما تشاء وستضاف لتعاريف القاموس اليمني السياسي الذي يتقبل كل جديد، والأدهى من هذا أن نسمع عن مؤتمرات للشباب المستقل مدعومة من أقوى الأحزاب في اليمن ، ولا يعرف المستقلون عنها شيئاً. 

مهزلة كبيرة عندما نبحث عن معايير للمستقلين متجاهلين أنشطتهم وأفكارهم التي تعكس استقلالهم الفكري والسياسي ، متجاهلين عدم انتمائهم للتيارات السياسية الحزبية ، ثم نقول ما معيار الاستقلالية ...أليس منكم رجل رشيد يا هؤلاء يعرف في كل ساحة من الثقات ليدلهم من هو المستقل ومن هو المتحزب ، هل يعقل أن طيلة سنة وتسعة أشهر مضت من الثورة لم تعرفنا الساحات من هو المستقل ومن هو المتحزب؟ إن لم تعرّفنا ثقافتنا وخلفياتنا الفكرية – بكل موضوعية –بالناشط المستقل وخلفيته التي تعكس أنشطته ومشاركاته وأحكامه السياسية، فما كان هناك داعٍ لنثور على نظام حزب واحد ، بل على كافة أنظمة الأحزاب التي ترى أن لها الحق أن تأخذ ماليس لها لمجرد أن الناشط المستقل غير مدعوم من أي جهة تسانده أو تصدره إعلامياً كما تصدر الأحزاب ناشطيها . 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي