«مكونات الثورة والخطر المحيط»

كتب
الاربعاء ، ١٢ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠١:١٢ صباحاً
بقلم الدكتور/ عبدالله أحمد الذيفاني 

تَمرُّ العملية السياسية بمرحلة دقيقة وعصيبة، قد تقلب المجريات وتضعها في وضع لا نأمله للوطن والإنسان. 

نتيجة تعنت أطراف داخل هذه العملية السياسية تريد أن توجه نواتجها في صالحها وفي إعادة الأوضاع إلى ما قبل الحادي عشر من فبراير 2011م, وكأن الوطن لم يشهد نزيفاً طاهراً من أجساد الأكرم منا “شهداء الثورة”, ومن أجساد جرحى الثورة, وشهدت أرواحاً تصعد إلى بارئها وأحلاماً بدأت تتشكل عصافير تقف على شجرة الأمل, وعيوناً تتدفق بمياه التغيير النازل من جدران قلوب ظلت وما تزال تنبض بالثورة وتدفع في جهازها الدوري دورة الحياة الجديدة التي تريدها اليمن. 

إن مجرى التحول الثوري لم يعد جدولاً, كما أنه لم يعد ساقية قدر اتساعه وكبره وتجذره وامتداده إلى منابع أكثر عمقاً واتساعاً صافية, نقية, وهي من حيث الوعي بالتغيير وحتميته وصيرورته التاريخية المعمدة بالدم الزكي وأنين الجرحى والتراكم النضالي الثوري بمحطاته العديدة في فترات التاريخ المعاصر المختلفة, حقيقة لامناص من جريانها على الأرض, وخروجها شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. 

التغيير لم يعد حديث مجالس, أو أحلام أدباء وكتّاب, بقدر ما صار واقعاً يسكن العقل والفكر الثوري, ويسير على الأرض رويداً رويداً, وسيبلغ جريانه مداه وسيقتلع وبلاشك الشجرة الخبيثة، مهما اعتقد البعض رسوخ جذورها, فالحقيقة التي لا غبار عليها أن جولة الحق هي الدامغة وأن الباطل في الأخير مهما امتد عمره زاهق وإلى زوال. 

تأسيساً على كل ذلك, يمكننا القول إن الثورة الشبابية الشعبية السلمية, لن يتوقف جريانها, ولن يضيع نبعها ويختفي, فقد اختلط بدم وتداخل مع تضحيات لا يستهان بها، وعلى الجميع أن يدرك ذلك وأن يضعوه نصب أعينهم, فالدائرة تدور وتستحكم حلقاتها وستحكم قبضتها على كل المفاصل, فالثورات لا تخمد بسهولة ولا يسيطر عليها بيسر, ومن يعتقد أن بإمكانه ذلك يرتكب حماقة لا حدود لها . 

وبالمقابل أن ضرب الثورة من داخلها هو ما يمكن أن يسبب وجعاً ووهناً للثورة ومكوناتها, والخشية أن يدلس على أنقياء الثورة باسم حمايتها والدفع بمسيرتها ومواجهة أعدائها, فيدفعونهم إلى مواجهة بعضهم والدخول في دوامة تسمى الانتصار للثورة ظلماً وعدوانا,ً وهي دوامة في الحقيقة تخدم مصالح خصوم الثورة الحقيقيين وإن لبسوا لباس الثورة وتوشحوا بوشاحها. 

هذا الخطر الذي ينبغي على مكونات الثورة إدراكه, وعليها أن ترتقي إلى مستوى تضحياتها, وتكون في مستوى الالتزام القيمي والأخلاقي لدماء الشهداء والجرحى, تنظر فوق جراحاتها، الصغيرة وتغليب المصلحة العليا التي خرج الجميع لأجلها ويدخلون في حوار جاد يصلون من خلاله إلى توافق حول برنامج تصعيدي نوعي, سلمي, يعتمد استمرارية الثورة, ويضمن تماسك مكوناتها, وبما يفوت الفرصة على المتربصين بها من الأعداء والأُجراء وتجار السياسة.. 

والله من وراء القصد,, 

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي