صُقور المؤتمر وإعادة إنتاج شكل الحسم الثوري

كتب
الثلاثاء ، ٠٤ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:١٩ صباحاً
بقلم/ عبدالله الحاضري 

لم يفهم صقور المؤتمر درس الثورة الشبابية كما لم يفهمهُ أيضاً كبيرهُم، لم يفهموا أيضاً أن لصبر الشعب على حماقاتهم حدود، وظنوا ـ وهماً ـ أنهُم قادرون على فعل كُل شيء والانقلاب متَى شاءوا على كل شيء؛ ظنوا أن الشعب صار ألعوبة بأيديهم، راكعاً تحت أقدامهم، خاشعاً لأموالهم وبنادقهم المُخزَّنة فوق الأرض وتحت الأرض؛ 

ظنوا أن بإمكانهم الاستمرار ـ إلى ما لانهاية ـ في دجلهم السياسي والتلاعب بصورةٍ سمجة في المُجتمع الإقليمي والدولي ..!ظنوا أن بإمكانهم عكس عجلة التاريخ وإعادة تدويره من جديد لصالح نزواتهم ومغامراتهم المجنونة؛ فراحوا ـ بدون وعي ـ يعبثون بكُل مقدَّرات الأمة وخيراتها وأمنها واستقرارها؛ والشعب يرقُبهم عن كثَب صابراً، مُحتسباً، آملاً أن يعود هؤلاء إلى رشدهم..! 

ولكن كُل ما زاد الشعبُ صبراً ازداد الصقور عتواً ونفوراً وعبثاً يصُل في وصفه إلى حد الفجور الوطني, مُراهنين على الدولار والبندقية والاحتماء بحِمى الطائفية وبعض القوى الدولية..! وعلى نفس السياق أعلنوا كفرهم المَحض بالمبادرة الخليجية وبالقرارات الدولية، بكُل وقاحة وصلَف يعلنون ذلك جهاراً دون حياءً من الله أو أحد من خلقه, يعلنونَ ذلكَ في وجه المبعوث الأممي (جمال بن عمر) وتصل وقاحتهم إلى ذروتها بالقول إن الرئيس عضوٌ في المؤتمر وسيتم مُحاسبته - ولستُ أدري على ماذا سيُحاسبونه ويعاقبونه - وأن الدكتور الإرياني أيضاً سيتم مُحاسبته بداعي التواطؤ مع اليمـن..!! 

وبغض النظر عن مدى قدرتهم على تنفيذ ما يقولونه أو أنهم حتَّى على مُستوى هذه الكلمات وهذا التحدي...فقد أظهروا حقداً هائلاً ورهيباً على هذه الأمة وعلى كل الخيرينَ فيها.., وأن وضع الاستقرار النسبي الذي تعيشه اليمن لا يروقهم ويؤرقهُم وأنهم لا يُطيقونهُ و يرفضونه في آنٍ واحد جُملةً وتفصيلاً.. 

لقد ألفَ هؤلاء على ذلك الجو الخانق المشوب برائحة البارود النتنة، ألفُو حياة المؤامرات والدسائس والكيد في عتمة الليل لكُل ما هو جميل في هذا البلد! ألِفو تَحطيـم شبكة العلاقات الاجتماعية وبث روح الانغماس في أتُّون المادة وعادات وتقاليد الجاهلية في القرن الواحد والعشرين..! 

 

لا يروقهم هذا الإستقرار النسبي فأعلنوا اليوم انقلابهم الفاضح على العهود والمواثيق الدولية ومحاسبة الشرفاء من أبناء المؤتمر الذين أحبواْ هذا الشعب وتعاملوا بضمير مع مقتضيات التبعات الأخلاقية والإنسانية والقانونية للمُبادرة الخليجية والقرارات الدولية.. 

صقور المؤتمر وزعيمهم المُتعالي لا يروقهم موقف هؤلاء فحددوا موقفاً منهُم وانغمسوا في تنفيذ برنامجهم المأفون المُتمثل في إعادة اليمن إلى ما قبل الثورة من خلال التهديد بشكلٍ واضح بتفعيل ورقة الحرب ونبذ العهود الدولية وترجيح خيار البندقية والدم ولغة التهديد والقسَم؛ ليس على اليمن فحسب بل على المُجتمع الدولي.. هذا ما أظهروه للمبعوث الدولي.. 

ولستُ في هذا المُقام بحاجة للتذكير - سوى ما يقتضيه الحال- بأن المجتمع الإقليمي والدولي قد منح مزعوم الزعيم من الامتيازات ما لم يمنحهُ للشعب اليمني ذاته إلى درجة أن كثيراً من المراقبين وصفو المزعوم بأنه المُدلل المنبوذ والشعب بأنه الطيب المغلوب... تَمتًّع الزعيم المزعوم بالحصانة وبعدم سؤاله عن أموال اليمن المنهوبة والتي تُقدر بالمليارات يتمتع بها حراماً ويعبث بها في كل دول العالم جهاراً نهاراً، يمتلكُ بها المدن الصالحية والبنوك العالمية وتم تمكينه من نصف مقاعد الحكومة ونصف وسائطها المادية، أما الجيش فقد اجتاز على 70% تقريباً من وسائطه المادية من الأسلحة والعتاد والقدرات، يُخزِّن معظمها اليوم في مخازن خاصة به في دائرة لا يتجاوز نصف قطرها خمسة كيلو متر مربع. 

كُل هذا والمزعوم غير راضٍ عن أي شيء مما اجتاز عليه، لسببٍ بسيط أنه يريد السلطة ولا يستبدلها بكنوز الدنيا.. يُريد السلطة ولو كان ثمنها اليمن بأرضها وشعبها.. يريد السلطة ولو كان الثمن الارتهان للشيطان.. يُريد السلطة حتى ولو سالت الدماء انهاراً.. يُريد السلطة وسيصبر على بُعدها عنه حتى يأتي اليوم الموعود.. يوم الغضب المشؤم يوم الحقد الأسود.. إنه اليوم الآتي في ثنايا عام 2014يوم لا ينفع مالٌ ولا ينفع بنون إلا من امتلك ارتال الرماة وعتاولة الإجرام ورنين الأصفر وهففت الأخضر..وذرَّ الرماد في كل العيون .... 

وقبل ذلك وذاك يريد إنزال العقاب الدَّموي القاسي بالثورة وبالثوار... يريد أن يُعاقب كُل من ساند الثورة أو وقف معها بأي شكلٍ من الأشكال بالكلمة أو بالفعل.. يُريد أن يُعاقب أولئك الذين حرموه وأنزلُوه من على سدَّةِ الحُكم ونزّوةِ السلطة لفترةٍ ويا لها من ثقيلة تجاوزت السنة. وإنه لزمنٌ طويل حُرم منه المزعوم من الحُكم؛ هذه السنة كأنها مليون سنة.. ألا تباً لمن أحتل مكانه كما يقولون. 

هذا ما يريده الصقور وزعيمهم المزعوم ولذلك انقلبوا على التاريخ وعلى المُجتمع الدولي لكن مهلاً.. الثورة مازالت قائمه وما المبادرة الخليجية وحيثياتها إلا شكل من أشكال الحسم الثوري وهو الشكل السياسي.. 

وبرغم أن شباب الثورة لم يكونوا راضينَ عن هذا الشكل من الحسم ،إلا أنهم حين وجدوا فيه خيراً يلوح في الآفاق للشعب وحقناً للدماء رضوا به على مضض وكبتوا أنفسُهم.. وكأنهم يبلعون كُل جمرات الدنيا الملتهبة وسمها الزعاف.. مُبتسميـن مُكفكفين دموعهم وقلوبُهم تغلي كالمِرجلْ. 

أما الآن وقد وصل الصَّلف بالزعيم المزعوم وصقوره إلى هذا الحد الذي أقل ما يوصف بأنه وقح. أما وقد وصل الحدُّ بهم إلى المُغامرة بمصير الشعب واللعب بمُقدَّراته.. أما وقد وصل بهم الحال إلى الاستخفاف بالثورة وبشبابها وبالعهود والمواثيق الدولية.. أما وقد وصل بهم الحقد والغرور والغطرسة إلى الظَن الآثم أنهم قادرون على العبث بالحياة والإحياء بإشهارهم بطاقة الموت الذي هُم يهربون منه أمام اليمنيين، أما وقد تَعدَّوا كُل الخطوط الحمراء فيجب أن يكون لنا معهم وقفة نقول لهم فيها أنتم لستم بأحرص على الموت من الثوار وأن دولاراتكم وأسلحتكم لن تُعيدكم إلى التاريخ ولن تُعيد التاريخ إلى الوراء، لن تعودوا للسُلطه بأي شكلٍ من الأشكال حتَّى يلجَ الجملُ في سَمِّ الخياط؛ كما يجب أن نقول للنخب السياسية لقد وصل مشروعكم السياسي إلى طريق مسدود، ويجب أن يُعيد الثوار إنتاج شكل الحسم الثوري واستبدال الحسم السياسي بالحسم المادي الواضح، وبنفس منهجية الثورة السلمية. 

إن جنون صقور المؤتمر ومزعومهم يُعيد ـ بكل قوة ومن حيثُ لا يحتسبون ـ إنتاج الزَّخمَ الثوري ويبدو أن التاريخ لا يقبل أنصاف الحلول.. وأن الثورة يجب أن تكونَ نظيفة من كُل الشوائب اللاتي تُعيق تطور ونمو الشعوب لن تقف كُل أموالهم المُكدَّسه وأدوات موتهم المُشَحَّمه حائلاً أمام النصر الثوري الأكيد.. لن يقفوا أمام شعبٍ ثأر وصبر ولا يُمكن أن يستمرو بالعبث باليمن وبالتاريخ.. 

حان وقت اتخاذ القرارات المصيرية.. فإمَّا أن نكون في التاريخ ودورته الحضارية أو أن نكون خارج التاريخ ومع الشعوب المُنحطه.. إمَّا أن يكون التاريخ معنا أو أن يكون التاريخ هو اللا عن الوحيد لنا .. فعلى مر الوجود الإنساني، الثورات قدرُ الله الذي لا يُهزمْ.. والبُركان الذي يقذفُ الحِمم والعاصفةُ التي لا تهدأ حتى آخر الزمن.. 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي