مؤيدو شوقي ومعارضوه..

كتب
الأحد ، ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٠١ صباحاً

بقلم/ سامي نعمان 

لا أسوأ من مظاهرات المعارضين التي تتحرك بانفعال وعشوائية، اصطياداً للأخطاء وفقاً للأحكام والمواقف المسبقة على المسؤولين، سوى تلك المظاهرات التي تخرج للهتاف باسمهم وإنجازاتهم المفترضة، قبل أن تخلق أحياناً.. 

وهذا الأمر ينطبق على مؤيدي شوقي ومعارضيه على حد سواء.. 

مظاهرات الموالاة والتأييد تقليد سيئ دأب عليه الزعماء العرب وموالوهم، خدمة لأجنداتهم الخاصة، ويهدف لإحباط جماعات الضغط المعارضة لسياساتهم من جدوى الاحتجاج، وإفقاده قيمته ومعناه، ليخلو لهم الجو لتمرير سياساتهم دون اعتراض أو مراجعة. 

ولا تختلف هنا الجماهير الهتافة لمحمد مرسي عن تلك التي هتفت للقذافي أو صالح، وكنموذج أقرب إلينا تلك التي هتفت لمحافظ تعز ورفع بعض المشاركين فيها شعار «أنا شوقي.. من أنتم؟». 

التظاهر أساساً وسيلة للاعتراض والاحتجاج وليس للتأييد، والأمر لا يقاس بالعدد بل بوجود قضية.. 

حين صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيين شوقي محافظاً لتعز أبدى الجميع تفاؤلهم بذلك، بمن في ذلك أولئك الذين دعتهم حساباتهم لإعادة الاصطفاف والتمترس في وجه المحافظ الجديد.. ذلك التفاؤل المفرط كان مفترضاً أن يمثل أرضية لحالة انسجام ووفاق لا نظير لها تتجه نحو تجاوز سلبيات المرحلة الماضية بكل إخفاقاتها وانقساماتها الدامية، انصرافاً نحو التنمية وبناء أساس الدولة في هذه المحافظة التي أصبحت مرتعاً للفوضى والعشوائية والتهميش. 

للأسف تبدلت قيم «ثورة 11فبراير» لدى قطاع واسع من الملتحقين بها لتتحول إلى عصبية جديدة لا تريد أن تتعامل سوى مع خياراتها، وما عداه فهي ترى نفسها جماعة رفض مطلق ومعارضة لكل مالا تراه منسجماً معها بحكم مسبق يفتقر للمسؤولية، ولروح وقيم الثورة.. 

لقد بات ملاحظاً وكأن أطرافاً تجاري مراكزها التسوية في صنعاء وتلتمس الأعذار لصانعي القرار هناك لعدم إنجاز مسار التغيير المنشود بدعوى إدارة التوازنات وإنضاج التغيير على نار هادئة، وفي تعز تحكم بفشل المحافظ قبل أن يتلمس مهامه ويدرك مسؤولياته، بل يحاسب شوقي هائل على العراقيل والاختلالات التي يفتعلونها ويريدون حلها وفقاً لرؤيتهم الخاصة المنافية لمنطق الدولة التي قامت الثورة لترسيخ مداميكها، أو محاسبته على صورة له ظهر فيها إلى جوار الفندم يحيى صالح. 

في المقابل كان هناك مغالاة مستفزة في الاشادة بشوقي منذ صدور قرار تعيينه.. صحيح أنه ليس بإمكاننا محاسبة الناس على انطباعاتهم وموقفهم المستبشر بتعيين رجل الأعمال في إطار منظومة تجارية وصناعية عائلية ناجحة لها أثر في تحمل مسؤوليتها الاجتماعية تجاه اليمن عموماً وتعز بشكل خاص، لكن لا ينبغي لهذا الموقف أن يمعن في الإعلاء من شأن شوقي وإجهاده بأحلام تحويل تعز إلى دبي أو كوالالامبور.. 

بل ذهب البعض إلى الحديث عن زهد شوقي في منصب المحافظ ورفضه وأسرته التجارية تولي المنصب، وأنه أحرج لتحمل هذه المسؤولية لأجل عيونك يا «تعز».. قد يكون لدى العائلة رؤية ومسؤولية وطنية، لكن كثيراً من المغالين في تبجيلهم يتناسون أن شوقي وكبار رموز أسرته كانوا يترشحون -وبشكل توافقي غالباً- لما هو دون منصب المحافظ كتمثيل المواطنين في مجلس النواب او المجلس المحلي لتعز.. 

المؤيدون شوقي، بلا عقلانية، المادحون بلا حياء أو مسؤولية، على شاكلة الهتافين بـ«أنا شوقي فمن أنتم؟!».. لايختلفون عن أولئك المعارضين بلا سبب سوى مايقرره مزاجهم غالباً. 

 عليهم أن ينتظروا إنجازاً وإدارة رشيدة قائمة على نظام مؤسسي، وليس على الأشخاص، وليس مجدياً لشوقي ذاته المغالاة في مديحه وتنزيهه وتقديمه للناس بشرف كونه «شابع من بيتهم».. 

شوقي حالياً رجل دولة أمسك بإدارة محافظة تعز في فترة حرجة تضعف حظوظه في تحسين أدائه وتحقيق إنجازات ملموسة في زمن قياسي، وهو معني بتجاوز مفهوم الإدارة والالتزام الذي ألفه في الإدارة الصناعية لمجموعة أسرته، فهو معني بإدارة المحافظة بأفق يتعدى المسؤولية الإدارية أو الخدماتية.. تعز محافظة مترامية الأطراف والمديريات النائية بحاجة إلى إهتمام وتركيز كذلك الذي يوليه للمركز.. 

من المبكر للطرفين جميعاً محاسبة شوقي أو الإشادة بإنجازاته في غضون بضعة أشهر، خصوصاً في ظل ظروفها الراهنة.. ينبغي الابتعاد عن الانحياز والاصطفاف المسبق الذي يستلهم صراعات مراكز قوى المركز في صنعاء، والتعامل بمسؤولية وتجرد مع إدارة المحافظة، وهذا لا يعني بالضرورة عدم انتقاد بعض سياساته أو قراراته، دون اصطياد للأخطاء وإيقافه عند خطأ أو تعثر معين للحكم بفشله.. هذا لا يعني بالضرورة أيضاً تجاهل رؤيته لتحديث المحافظة -وليس المدينة وحدها- دون استغلالها لإشباعه بغرور الإنجاز، والوقوف عند ذلك أيضاً.. 

القضية ليست شوقي أو اللقاء المشترك أو المؤتمر، بل هي مستقبل محافظة ينبغي لأبنائها ونخبها أن لا يقتلوا أملها في الحياة ورد الاعتبار قبل أن يرى طريقه إلى النور، وهذا ما ينبغي أن يدركه الجميع لا أن يتنافسوا في إغراق المحافظة في مزيد من الفوضى والتخلف، وفقاً لاصطفافاتهم مع أو ضد شوقي هائل..

 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي