هيا بنا نتبلطج!

كتب
السبت ، ١٠ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٥ مساءً
 بقلم/ زكريا الكمالي
بقلم/ زكريا الكمالي
قبل أن يُدشن الرئيس عبدربه منصور هادي “المرحلة الانتقالية الثانية”, كان البلاطجة قد سبقوه , في تدشين “ المرحلة البلطجية الثانية “ , ومؤكد أن أولوياتهم , ستسير وفق برنامج مدروس يختلف عن الضرب بالرصاص والجنابي: سيارة مفخخة , تفجيرات , ذبح جنود , تشويش المستقبل أكثر. من لم «يتبلطج» في عهد الثورة , والمرحلة الانتقالية الأولى , سيأتي دوره الآن . ينظرون للأمر , كما لو أنه نزهة. حتى تنظيم القاعدة في اليمن ,تذكّر بأنه من القاعدة , ونفذ هجمة ذبح فيها عشرات الجنود في أبين على الطريقة الإسلامية. يشعر التنظيم حالياً بنشوه غير معهودة: مذبحة بشعة أعادتهم الى الأضواء بعد ربيع عربي سلمي , وأحاديث رسمية متوالية , كل ما تصنعه هو إعادة المجد لقاعدة شاخت منذ ُرمي زعيمهم في مياه البحر ككيس نفايات. لست خبيراً في شئون القاعدة , ولا باحثا استراتيجيا, لكن لا أعتقد ان انصار الشريعة كانوا يحلمون بأنهم سيخرجون من “ دوفس “ بكهذا نصر . من يشاهد صورهم , ومقار الإمارات والولايات الإسلامية التي استحدثوها في مساكن على شوارع عامة, و مناطق مزدحمة سكانيا , يدرك أن هؤلاء الأنصار كان أقصى حلمهم اغتنام أسلحة من المعسكرات التي هاجموها. أعمال نهب, أو بالأصح , تجريب حظوظهم من البلطجة, وكأنه لم يكن ينقص هذا البلد , سوى بلطجة أنصار الشريعة. يدافع كثيرون عن حقيقة وجود القاعدة في اليمن , ويقولون: إن من ينكرها شخص غبي”, وحتى لا نكون أغبياء , سنصدقهم , لكن عليهم أن يصدقونا ان قاعدة اليمن متواجدة على درجات مختلفة , بطريقة تشبه سلالات وأجيال الهواتف النقالة . القاعدي «عمر حمزة», الذي وصل الى قلب امريكا , وحاول تفجير طائرة ضخمة, يختلف عن القاعدي “أبو حمزة الزنجباري” , زعيم انصار الشريعة . يتبين للطفل أن الأول مُسقى بفكر جهادي , وأن الثاني الذي تظهره صور شخصية بين مجموعة من المسلحين وسط أشجار في زنجبار مازال يتمرن , وكل ما يريده أن يصبح “ شيخا “ , أو “ والياً “ لولاية زنجبار , يفرض الإتاوات على سكانها , وعندما يتذكر الدين , ينظم حفلة لقطع عدد من أيدي اشخاص يقول انهم لصوص. من يتابع تفاصيل جريمة ذبح الجنود , لا يستطيع تصديق فكرة أن القاعدة التي تفاخر بأنها من تقض مضاجع أكبر دولة في العالم , قد تحولت مثل ذلك الأسد الخرف الذي أخفق في مطاردة الغزلان , فعاد لتعقب الدجاج . لا يستطيع تفسير أسباب تقّزم طموحاتهم: برج التجارة العالمي , كهدف ضخم في وضح النهار , وعنابر جنود نائمين في الساعة الخامسة فجراً. أشعر بمرارة , وأنا أسمع تفاصيل المهازل التي يتم بثها , في كثير من وسائل الاعلام , بأن القاعدة هددوا بإعدام عشرات الجنود الأسرى , بعد أن ذبحوا العشرات منهم بالسكاكين. من الجرم ان تتحول ارواح الناس الى مادة للسجال السياسي , أن يستمر مسلسل تقديم جنود , التحقوا بالعسكرية في سن مبكرة بسبب البطالة التي أنجزها لنا نظام صالح , كوقود لمعارك مجانية بين أصحاب النفوذ . لا أرخص من الدم في اليمن. الدفاع عن أرواح أبرياء , يجعلك هدفاً سهلاً لكتيبة الدفاع عن القاعدة الحقيقية. أن تتحدث عن مؤامرة بائنة شارك فيها رجال يتبعون صالح , أو مصلح , فأنت من المشترك , وتساهم في إخفاء جرائم إرهابية . إذا لم يكن هناك مؤامرة , فماذا حدث؟ هل تريدوننا أن نصدق المقولات الضاحكة بأن عاصفة رملية, أعمت أبصار 3 ألوية , هي من جعلت القاعدة تفوز بذاك النصر المؤزر؟ وأن عملية «النهر المتدفق» , ستتبع عملية «قطع الذنب» التي جرت في دوفس؟ هناك مؤامرة لا تحتاج الى براهين, شاركت فيها أطراف مختلفة , وعلى حكومة الوفاق تشكيل لجنة تقصي حقائق , تضم عسكريين وسياسيين وحقوقيين بشكل عاجل , لا أن يتم الركون الى اللواء الذي أرسل يوماً الى تعز لإدارة عمليات القتل فيها, علي محمد صلاح, في أن يجلب للرأي العام نتائج شافية. ما حدث في أبين مجزرة تغضب الأحجار , وليس البشر فقط , وعلى كل الشرفاء في هذا البلد استنكارها. نريد من اللجنة أن تشرح لنا , كيف تحول تنظيم القاعدة , من “ نصع “ , لقذائف دبابات نظام صالح , طيلة اشهر العام المنصرم , الى وحش مفترس هذا العام , يلتهم في ساعات 400 جندي , ما بين قتيل وجريح وأسير؟ نريد تفسير لـ«الضربات الناجحة» , والعمليات النوعية , التي كانت تودي كل يوم بحياة العشرات من أعضاء التنظيم في أبين وشبوة, عندما ضيّقت واشنطن من خناقها على رقبة صالح , وكيف انقلب السحر على الساحر؟ نريدهم أن يقولوا لنا : هل الأمر متعلق بمؤامرة فعلاً,وللرئيس السابق يد فيها , أم أن هذا هو “عام السُعد “ للقاعدة.. نريد إجابات شافية تقطع الشك , وتدحر الهواجس التي تؤرقنا, هل ما يجري في البلد بشكل عام من انفلات امني وتنامٍ مخيف لأعمال القتل والسلب والتقطع , سببه تنظيم القاعدة فقط , أم ان شكوكنا في محلها, بأن هناك أيادي ملعونة قتلت اليمنيين في السابق وتريد قتل اليمن الآن , عبر تفخيخ المرحلة الانتقالية الثانية , وأن أنصار الشريعة ليسوا سوى فصيل متطور من البلاطجة الذين تمت صناعتهم لهذه المرحلة. *** ما جرى في أبين , جريمة حرب بكل المقاييس . سقوط اكثر من 100 , أو حتى 5 جنود , في عملية قتل غير مسبب , عمل جبان , ولا اعتقد أن قانون الحصانة , سيسري على الجرائم حتى يوم 4 مارس هذا العام. اذا مرت هذه الجرائم بسلام , فعلى اليمن السلام. يجب أن يُحاكم كل متسبب في قتل الارواح البريئة , وكل من يحاول تفخيخ اليمن الجديد , وتلغيمه بعبوات ناسفة , أياً كان. من غير المعقول أن يستمر اليمنيون الأبرياء , يصدقون تجار الموت, ويستمرون في برودة الدم الزائدة تجاه المجاز الشنيعة. يسكتون عن مذبحة صغرى , فيصبحون على أم المجازر. *** كان الرئيس هادي , دقيقاً الى أبعد الحدود , وهو يصف نفسه بأنه “ فدائي “ وهب نفسه للبلد . من يمسك سلطة , كخلف لسلطة , قامت بتسليح الشيوخ والشباب ( وحتى الذي في المزابي ) كما تقول اغنية فرائحية لأيوب طارش , من اجل تفخيخ البلد , وإعلام العالم أن مرحلته كانت أكثر أماناً, ليس سوى رئيس انتحاري , يجب ان نتعاطف معه , ونكون يداً واحدة لردع البلاطجة. ما يجري هذه الأيام , لا علاقة له بظهور مفاجئ لنبتة إرهابية اسمها القاعدة , بل قواعد متفرعة , وذات تخصصات , تعمل في كل المحافظات والمدن . قاعدة تذبح الجنود , وقاعدة تذبح أبراج الكهرباء التي أنارت البلد منذ أسبوعين , كما لم تضئها منذ عام مضى , وقاعدة تنهب , وقاعدة تفخخ , وقاعدة تطلق النار عشوائيا من أجل إرهاب الناس. كل قواعدهم ستذوب , بتعاون مجتمعي , يتوحد على هدف واحد : بلادنا ليست ملاهي للبلاطجة. العبوا بعيدا عنا. اليمن يواجه مؤامرة غير مسبوقة. الولايات المتحدة , بجلالتها , لا تعرف النوم , وهي تواجه قاعدة واحدة , ومنهارة , وهذا البلد المنهك , يواجه مجمعاً من القواعد القاتلة. الخطر القادم أكبر. عندما تستولي القاعدة, على معسكر بأكمله, وتهز العبوات الناسفة عدداً من المدن اليمنية , في توقيت موّحد , فلا إجابة شافية للغز كهذا الا أن الانفجارات ستتوالى , وأن المرحلة الانتقالية الثانية , التي دُشنت لحظة اداء الرئيس الجديد للقسم قد تزامنت مع تدشين القتلة مرحلة عنف ثانية ستستمر الى 2014م. في تلك اللحظة , كان الرئيس الجديد يُقسم اليمين , والرئيس المخلوع «يُقسّم اليمن».

[email protected]

الجمهورية

  تتبع يمن فويس النسخة الانجليزية – اضغط هنا

الحجر الصحفي في زمن الحوثي