الحوار والوطن : طلاسم أم تيه؟؟

كتب
الاربعاء ، ٠٧ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:١٢ صباحاً

    

بقلم - الحسن الرازحي

يشعر المرء وهو يتعاطى قضية الحوار الوطني في كتاباته بشعور متأرجح بين إنتاج رأي متفاءل يساهم في خلق دعوة تبشيرية تجزم بأن الحوار هو المُخلِص الوحيد الذي تشعر الأيدي في فضائه بجاذبية نحو بعضها البعض ولو بنسب متفاوتة أقلها يوحي بأن الشروع في أي حوار هو مكسب كفيل بتغيير أدوات العمل الجماعي والحزبي من منطق القوة والغلبة إلى منطق الحجة والمشروع ولو لم تتجلى في نتائج هذا الحوار باعتبار أن أهم نتيجة لهذا الحوار هي التقاء الجميع حول طاولة واحدة مما سيشكل سنة حسنة في حل أي نزاع مستقبلي .

يبرز بقوة الشعور الآخر الذي يحمل الإنسان مسؤولية إنتاج رأي متخوف ومراقب قادر على كشف الألغام التي يمكن أن تعيق هذا الحوار بل ستحرف مفهوم الحوار بأي شكل ليتبخر بعدها الأمل ويشعر الكاتب بأنه شريك في إنتاج وتوارث تحريف أهم قيمة – الحوار- يمكن أن تحول النزاعات إلى ثورة بناء لإنتاج أمة متنوعة متكاملة.

وكحل وسط يهدئ من روع الضمير ويوحي إلى كل متحاور ومتحاورة بتحمل المسؤولية أمام الله والشعب وأمام مفهوم الحوار سنقرأ بعض معطيات الحوار السلبية في ساحتنا اليمنية لنستوعب من خلالها روح الحوار.

هيكلية الحوار توحي بأن هناك تفريخ متواصل ومتعمد يعيد تأصيل الغلبة بالقوة والكثرة الكاذبة والمزيفة في اعتراف شبه صريح بعدم وجود الحجة والمشروع أو قل بضعفهما وهشاشتهما ليس هذا فحسب بل هناك تشريد ومحاولة تفتيت مكونات لتصبح متناثرة ضعيفة يمكن تجاوزها وهو الخطر العظيم الذي يهدد بنسف أمل الحوار في فائدته المجردة  بالالتقاء حول طاولة واحدة مستديرة.

غير مبرر فهم معنى الحوار واختزاله في مجموعة مطالب خاصة يطلبها متحاورين من بعضهم أو مخاوف يرجوا البعض تبديدها من البعض الآخر , يجب الارتقاء بمستوى الحوار ليصبح حوار مشاريع حول بناء أمة ووطن هذا إذا كنا قد استشعرنا أن الوطن لا يجوز أن يصبح أضحية نذبحها من ظهرها بحوار المصالح والتقاسم الحاد.

خطأ لا ينبغي أن يستغل ولا يجوز أن يتكرر أن يكون المتحاورون رعية يحتاجون إلى رعاه خارجيين لأن هذا عيب خطير في أي حوار يسمح باستمرار غياب الثقة ويجعل الداخل محكوم للخارج في أهم قيمة وهي نتيجة الحوار الذي من المفترض أن أهم ضامن هو التراضي والتوافق , قد يكون ذلك مغفوراً لدى البعض نظراً لصعوبة ودقة المرحلة التي نمر بها.

علاقة الخارج بالداخل تشوهت وقبحت إلى حد كبير في هذه المرحلة نتمنى أن يرسم الحوار الوطني خطوط حمراء للخارج في تعامله مع الداخل والعكس لاسيما وأن الخارج حاضر بقوة في مؤتمر الحوار ويستطيع الدفاع عن نفسه.

متاهة...!!

هل الواقع الذي نعيشه اليوم هو "التيه" بكل ما تعنيه الكلمة؟؟ فكلماتنا تلعن ألحاننا، وأفعالنا تخون مقاصدنا ، ندعي السعي للحوار ونحن نلبس الإقصاء والغمط ، نشتم الطائفية والعنصرية وهي أكلنا وشربنا ، صراخنا بالوطنية أرهب الوطن حتى أرغمه على الذوبان في أطماعنا وأوهامنا . سيفاجأ كل الذين حملوا حقائبهم وذهبوا إلى مبنى الحوار بإعلان فقدان وطن اسمه "اليمن"....فهل من لا يملكون مشروع لاسترداده سينقلبوا صاغرين. لأن الوطن لم يعد يحتمل الصغر بل سينفجر الانفجار العظيم.

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي