النـــوم على البـــــــارود ...

كتب
الاربعاء ، ٢٤ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٠٩ صباحاً


بقلم: منال الأديمي -

بدا صباح الخميس الماضي يوماً مثل سائر الأيام في العاصمة .. لاشيء مختلف أو جديد ، هو ذات الزحام الخانق وأصوات مولدات الكهرباء تمنع الجميع من سماع صرخة الكراهية والموت رغم اجتهاد مؤديها حقيقة برسمها على كل ما يمكن أن تقع عينك عليه لإسما عها من كان به صممٌ من حب للحياة والتعايش .

لاشيء غير المعتاد حتى كانت الساعة العاشرة ،حينها دوت أصوات الانفجارات وتصاعدت سحب الدخان سادت بعدها حالة من الهلع والذعر بين الناس من تكرار سيناريو حرب الحصبة وصوفان.. بدأ الجميع إطلاق التخمينات منهم من يطمئن الجميع أن تلك الانفجارات ماهي إلا تدريبات وآخر يقول إنها حرب جديدة ولكن تصاعد سحب الدخان من معسكر الفرقة جاء بالخير اليقين ،توقفت بعدها كل تلك التخمينات ووقف الجميع يراقب عن كثب ماذا يحدث هناك وراء الدخان .

في قنوات الأخبار والإعلام سمعنا أن ما حدث كان انفجاراً في مخزن صواريخ في معسكر الفرقة سببه مس كهربائي كما ورد على لسان الحاضري في قناة الجزيرة الإخبارية .

في اليمن اليوم ذكرت القناة أن ما حدث كان اشتباكات مع العلم أن القناة لم تسم الجهات المشتبكة ...(يبدو أن الأسلحة اشتبكت مع بعضها البعض حتى وصل الأمر بينها إلى الشيطان الرجيم وسمعنا بعدها تلك الانفجارات كما علقت إحداهن ساخرة على صفحة التواصل الاجتماعي فيس بوك..)

وزارة الدفاع هي الأخرى أصدرت بياناً فسَّر الماء بالماء عن تفجيرات مخازن السلاح في قيادة الفرقة الأولى مدرع الانفجارات التي أثارت الرعب والهلع بين المواطنين وتسببت بسقوط شهيد إن لم يكن أكثر وجرحى وتدمير بيوت ومنشآت خاصة وعامة غير أنها هذه المرة لم تعن نفسها حتى تنظيم ولو حروف أسف وعزاء في بيانها ... كالعادة لا أمل لمواطن (ما شافش حاجة ) في هذا الوطن أن يعرف الحقيقة أو تبريراً رسمياً يحترم عقل مواطن شغلته قسوة الحياة بالكثير فلم يعد يعنيه الموت كثيراً.

لم يكن انفجار الخميس هو الأول من نوعه، فتاريخنا حافل بانفجارات المخازن، وليس انفجار مخزن الأسلحة في أبين في أواخر مارس من العام المنصرم 2011 عنا ببعيد بل إننا مازلنا حتى اليوم نجهل ملابسات ذاك الانفجار رغم حصيلة القتلى والجرحى الرهيبة في ذاك اليوم الأسود !!
لم تمضِ ساعة على الانفجار إلا وعاد الجميع إلى طقوس حياته اليومية وكأن شيئاً لم يكن مع أن رائحة البارود والدخان ما زالت تملأ السماء حتى أن حادث الخميس لم يمضغه الكثيرون مع أحاديثهم بمجالس القات كما يحدث عادة انتهى الموضوع ولازال ما حدث مجهولاً، يبدو أن الحياة غدت رخيصة في أعين شعب اعتاد النوم على البارود وتحيط به أصوات الموت من كل مكان .

لم يكد يمضي يوم كامل على الحادث حتى نصبح على جريمة أخرى أكثر خسارة وجرماً راح ضحيتها أكثر من عشرين جندياً في عملية انتحارية استهدفت اللواء 115 مشاة في أبين وذات السيناريو يتكرر مع كل الحوادث الأمنية والعسكرية في بلادنا ندفن قتلانا مع أسرار موتهم دون اكتراث أو مبالاة .

تعالت الأصوات بعد حادث الخميس ولعل أهمها على المستوى الرسمي كانت مطالبة أمين العاصمة بضرورة إخراج المعسكرات من العاصمة ومن المدن عموماً، لم تكن تلك المطالبة هي الأولى فقد تعالت مثل هذه الأصوات منذ تسعينيات القرن لقيادات اشتراكية وبداية الثورة لقيادات المشترك وللثوار .

إن إخراج المعسكرات من المدن أمر ملح وضروري اليوم لأمان حلم المدنية وسلامة المدنيين ،بل و ينبغي أن تندرج هذه الخطوة المهمة - وهي إخراج المعسكرات من المدن- تحت هيكلة الجيش وليس استباقاً لها والهيكلة قبل الحوار، كما ينبغي تفعيل دور الأجهزة الأمنية و تنظيم حمل السلاح بكل صرامة للحفاظ على المظاهر المدنية وحماية المواطنين وإيقاف أي نشاط مشبوه وغير قانوني لأي جماعات مسلحة قبلية أو مذهبية أو أي عناصر إجرامية تحاول النيل من أمن المواطن وترويعه قبل إخراج تلك المعسكرات.. إن إبقاء المؤسسة العسكرية منقسمة حتى اليوم هو من يفشل أي جهد سياسي ولو كان تحت مسمى حوار .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي