رجاء.. وانتظار عدل لا يأتي!!

كتب
السبت ، ٢٠ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:١٥ صباحاً

بقلم: منال الأديمي -

في زنزانة موحشة وبين جدران أربعة وبين الظلام تلبث رجاء وحيدة لا أنيس لها سوى الظلم والقسوة وهاجس العدل القريب, وأمل في الله وإجابة الدعاء للخلاص من غيابة زنزانة رميت فيها، لا لذنب سوى أنها دافعت عن نفسها وشرفها في بلد تقمع فيه المرأة كثيراً باسم الشرف والعار.
بين جدران الخوف ووسائد القلق وأصوات صرصار الليل تنتظر وحيدة كل ليلة مجيء يوم المحاكمة بفارغ الصبر؛ لأنها لا تشك للحظة في عدل القضاء ومباركة المجتمع والدين، فعلتها في الدفاع عن نفسها ضد ذئب انتزعت منه الأخلاق والذمة والضمير، يهدد أمنها كل ليلة، ويحاول اعتلاء أسوار شرفها المنيعة، فما كان منها إلا أن تدافع عن نفسها وبالطريقة التي رأتها مناسبة في تلك اللحظة الفاصلة؛ التي تمادى فيها ذاك الوحش في تلك الليلة المرعبة، فكان قاب قوسين أو أدنى من الدخول عليها مملكتها الآمنة في غفلة الليل والناس.

في المحكمة تمر عليها الثواني بطيئة، وتتوالى أمام عينيها أحداث تلك الليلة المرعبة، تتنفس مطمئنة حين رأته يدخل القاعة ويعتلي المنصة أخيراً.. نعم هو ذاك القاضي من سيعلن البراءة، تلك الأمنية التي رافقتها أيام وساعات سجنها الطويلة.

لم تشك رجاء للحظة أن الحكم قد يأتي منكراً حقها في الدفاع عن نفسها وفي صالح أهل ذاك الوحش الذي لا أعرف كيف كان لأهله الجراءة في الجهر بفحش ابنهم وخبث نفسه ومواجهة الناس بدناءة نفس ذئبهم الراحل، ورفع قضية ضد تلك المغدورة، كيف لم يكتفوا بدفن قاتلهم المقتول، وبعاره لم تكن رجاء القاتلة في تلك اللحظة بل كان ذاك الذئب هو القاتل والمقتول؟!

الحكم جاء صادماً ليس لرجاء فقط ولكن لنا كمجتمع ككل رجال ونساء على وجه الخصوص.
وكأن ذاك الحكم تشجيع لكل الوحوش في أن تطلق سراح كل ما في نفوسها الدنيئة بصمت من المجتمع.
المرأة لديها شرف وعار متى ما حاولت التعلم والمشاركة في التنمية والبناء، وتصبح مجرمة متى ما دافعت بنفسها عن ذاك الشرف الذي تقمع لأجله كثيراً ويتذرع به الكثير في حرمانها من حقوقها كالتعليم مثلاً.

ترافق هذا الحكم الغريب مع فعاليات اليوم العالمي لانتفاضة المرأة في العالم العربي، هذا العالم الذي تكثر فيه جرائم القتل ضد المرأة، وينال القتلة البراءة تحت مسمى جريمة شرف، وترتفع الأرقام وبشكل مخيف سنوياً.

لكن المشهد اليوم يختلف في قضية رجاء، لذا أدعو كل المنظمات الحقوقية والإنسانية والمجتمع الذي لازال فيه شيء من غيرة ونخوة، لنقف جميعاً إلى جانب رجاء ضد هذا الحكم المجحف؛ فإعدام رجاء معناه إعدام كل امرأة ستفكر في الدفاع عن نفسها يوماً ضد أي اعتداء.
فالقضاء في بلادنا اليوم وللأسف أجهزت عليه المحسوبية وأحالته عربدة الرشوة والفساد إلى مقصلة تحصد الرؤوس ظلماً، وباعتبارات أخرى إلا اعتبار مرجو من القضاء، وهو إقرار العدل والقانون وتساوي الجميع أمامه دون استثناء.

ينبغي علينا اليوم جميعاً حكومة ومحكومين العمل الحثيث والمطالبة الجادة بإصلاح هذه المؤسسة الشريانية في جسد الدولة الغائبة منذ أمد بعيد؛ فسيادة القانون من أهم ملامح الدولة المدنية التي خرجنا ننشدها في ثورة فبراير، وعمدنا ذاك الحلم بدماء زكية.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي