لماذا تحتفلون بثورة أكتوبر

كتب
الثلاثاء ، ١٦ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٠٤ صباحاً

بقلم: ماجد الشعيبي -

نحتفل بالذكرى الــ49 لثورة أكتوبر وكأنها نقلتنا من عصر التخلف إلى عصر التقدم! وهكذا باقي الثورات. نحتفل بثورات تعيدنا مليون خطوة للوراء، وتمتنع عن التقدم بنا. ويؤمن الكثير منا بأن هذه الثورات حققت ما خرجت لأجله؛ مع أننا اليوم نحتاج لثورة أكبر من 14 أكتوبر وأعظم منها لتحررنا من الوضع الذي نعيشه الآن في جنوب اليمن.

لماذا استعجل ثوار أكتوبر بكفاحهم ضد المستعمر البريطاني، الذي برغم الكثير من الأشياء السلبية التي قام بها نرى أنه كان الأفضل بحكم الفترة الأرقى التي عاشتها عدن وبقية مناطق الجنوب في ظل حكمه. وقبل أن تنطلق أكتوبر كانت بريطانيا تستعد لتسليم الجنوب؛ والدليل مراسلات موثقة عند الكثير؛ ولكن البعض ممن اشتعلت به الحماسة الثورية وقتها شاء أن يسطر لثورة كنا في غنى عنها.

ثمة خواطر تصدر منا، نحن شباب ما بعد أكتوبر، عما حققته هذه الثورة، وكيف تراجع وضعنا حتى صرنا نعيش وضع ثورة جديدة تطالب بنفس مطالب ثورة أكتوبر (الاستقلال الثاني)؛ ولكن هذه المرة ليس ضد غاز أجنبي؛ ولكن ضد غاز من نفس الوطن الذي نعيش فيه، ونشعر أننا نطالب فعلا بوطننا الذي يعاني من احتلال حقيقي. وليس في ذلك مبالغة حين يريد أحدنا أن يصف وضع الجنوب الآن، إلى الحد الذي يدفعه للكفر بالثورة، وبالوحدة التي جاءت نتاج أهداف تلك الثورة.

نجحد الوحدة التي دمرت كل شيء فينا، وجعلت أحدنا يشد الرحال نحو صنعاء إذا أراد فقط أن يتعالج أو يتعلم أو يحصل على خدمات أفضل لم يعد بالإمكان الحصول عليها في عدن. وإن زيارة إلى العاصمة صنعاء للحصول على حاجاتنا الأساسية تكرس جحودنا هذا بالوحدة.

جدير بنا البكاء، والوقوف على الأطلال، والحزن، والخروج بمسيرات سوداء؛ تعبيراً عن ضياع هذه الثورة التي طردت المستعمر البريطاني وجلبت لنا ما هو أفظع منه!!

يقتلني مشهد الكثير ممن عاشوا أيام بريطانيا يتندمون على ضياع تلك الأيام الجميلة؛ أيام كانت باعتقادهم أجمل من هذه التي نعيشها. يقولون إنهم لم يتعرضوا لمثل ما يتعرضون له اليوم، وكل ما بنته بريطانيا، والحزب الاشتراكي من بعدها، دمر في غمضة عين. عدن، الشابة آنذاك، هي اليوم عجوز لا تقوى على مقاومة مرضها العضال الذي أصابها تحت الشعارات الفارغة والتغني بشيء يستحيل أن يتحقق بعد هذا.

ندفع اليوم ثمن خسارة تلك الثورة. ولعل شطحات المناضلين حينها هي ما أودت بنا إلى هذه الكارثة. وبعيداً عن هذا فقط يجدر بنا أن نعتذر لكثير من الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم في مقابل حال غير هذا الحال. وعادة ما يمضي الشهداء الأبطال ويبقى الأوغاد يتحكمون بمصائر وحياة الناس.

نجح أكتوبر بتحقيق هدفه المتمثل في طرد المستعمر وقيام النظام الاشتراكي وبناء الدولة؛ ولكنه فشل حين فقد استمراريته، لتحل محله ممارسات حمقاء أساءت له ولتضحياته؛ لتدخل عدن وحدة كانت في غنى عنها. تلك "الوحدة" التي خلفت الكثير من الكراهية والحقد، ومشاكل ما تزال تزداد حدة وتعقيدا يوما بعد يوم.

ليس من المنطق القول بأن ثورة أكتوبر كانت مؤامرة، كما يقال عن الكثير من ثورات اليوم، لكن بالتأكيد هناك من تآمر عليها.

كم نحن بحاجة لاستمرار الثورة، وإلى سيادة واستقلال الوطن! وكم نحتاج أيضاً إلى أكتوبر، وعدن، والدولة المفقودة! حينها فقط سنحتفل بإنجازات الثورة، لا بذكراها فقط!
[email protected]

الحجر الصحفي في زمن الحوثي